١٢٠ ـ (وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى) ... لا يقبلون منك دعوة (حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) دينهم (قُلْ) مجيبا لهم : (إِنَّ هُدَى اللهِ) أي الإسلام (هُوَ الْهُدى) هو الصراط القويم وما عداه هو الضلال. (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ) ميولهم النفسية الفاسدة (بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) الوحي المتضمن للقرآن والإسلام (ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ) أي لا يكون لك وليّ أمر يحفظك ولا معين يمنعك منه.
١٢١ ـ (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) ... أي المؤمنون من أهل الكتاب ، وقيل المراد بهم جماعة قدمت من الحبشة فأسلمت. (يَتْلُونَهُ) يقرءونه (حَقَّ تِلاوَتِهِ) كما أنزل فلا يحرّفونه (أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ) بالكتاب المنزل (فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) لأنهم اشتروا الضلالة بالهدى والدنيا بالآخرة.
١٢٢ ـ (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ) ... قد تقدّم تفسيرها في الآية رقم (٤٧).
١٢٣ ـ (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ) ... مرّ تفسيرها في الرقم ٤٨ سابقا.
١٢٤ ـ (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) ... الابتلاء : الاختبار وفسّر بذبح ولده والإتمام بتسليمه وعزمه على الذبح (قالَ) تعالى : (إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً) أي قدوة في الدين والدنيا. (قالَ) إبراهيم (وَمِنْ ذُرِّيَّتِي) نسلي؟ (قالَ) تعالى : (لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ) فإن ميثاقي هذا لا أضعه في عهدة ظالم لنفسه ولغيره دل على أن الظالم لا يكون إماما للأمة بحال ، ومن هنا اشترطت العصمة فيه.
١٢٥ ـ (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ) ... والبيت هو الكعبة (مَثابَةً لِلنَّاسِ) أي مجمعا يحجّون إليه ويرجعون عند التوبة (وَأَمْناً) أي موضع أمن يحرم فيه الظلم والقتال. (وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقامِ إِبْراهِيمَ مُصَلًّى) والتقدير قلنا لهم وأمرناهم : اتّخذوا لكم مكان صلاة في مقام إبراهيم (ع) ، والمقام ، يحتمل أن يكون مكان قيام إبراهيم (ع) لعبادة أعمّ من الصلاة ، ويحتمل أن يكون موضع الحجر الذي قام عليه حين ندائه ودعوته الناس للحج على ما روي ، أو حين بنى البيت عند ما أمر هو وابنه ببنائه ورفع قواعده. (وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ) أمرناهما بتطهيره وليس المراد بالتطهير تنظيفه من الأخباث الظاهرة فقط ، بل التطهير يعني تخصّصه بالأنفس الطاهرة الزكية من الأبرار ، في قبال الأنفس الخبيثة القذرة من المشركين والكفار!. وقيل إن المراد بالتطهير تطهيره من الأصنام التي كانت معلّقة على باب الكعبة وفي جوفها. والطائفون : هم الذين يطوفون حول البيت ويدورون سبعة أشواط تعبّدا ، والعاكفون : أي المقيمون فيه ليلا ونهارا للعبادة والرّكّع السجود : هم المصلّون.
١٢٦ ـ (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ) ... واذكر يا محمد إذ دعا إبراهيم ربه (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً) هذا : إشارة للبيت الحرام باعتباره وما حوله ، سأل ربّه أن يجعله موضع أمن وأمان لكلّ من دخله. (وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ) أي : أنعم بها عليهم. (مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) ، (وَمَنْ كَفَرَ) مبتدأ يتضمّن معنى الشرط ، وخبره (فَأُمَتِّعُهُ) أحييه زمانا ، أو أهبه متاعا ونعيما (قَلِيلاً) مقصورا على أيام قلائل في الدنيا. (ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ) أي ألزمه به وأسوقه إليه عنفا لاستحقاقه له (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ) لأنه مصير سيّئ قبيح وعذاب لا ينقطع.