١٨٢ ـ (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً) ... أي من خشي أن يقع من الموصي جنف ، أي ميل عن الحق خطأ (أَوْ إِثْماً) أي ميلا عن الحق متعمّدا في مرض الموت أو غيره. (فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) أي في أن يشير على الموصي بالحق لأنه من تبديل الظلم وردّه إلى العدل فيكون كل من الموصي والموصى له والورثة راضين وهذا هو الإصلاح. (إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) غفور للمذنب ، رحيم به. فكيف لمصلح مستحقّ للأجر والثواب العظيم؟.
١٨٣ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) ... أي فرضه الله عليكم وألزمكم به كما فرضه على الأمم السابقة في وجودها عليكم. (لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) أي لعلكم تتجنّبون به المعاصي ، فإنه يقمع الشهوة.
١٨٤ ـ (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ) ... موقّتات بعدد معلوم ، أو قلائل كقوله تعالى : (دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ)(فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً) مرضا يضر به الصوم. (أَوْ عَلى سَفَرٍ) مسافرا مسافة شرعية سفرا مباحا. عطف على قوله : مريضا. (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) أي أن المفطر للمرض والسفر عليه صوم أيام في غير رمضان توازي عدد الأيام التي أفطرها فيه ، وهذا صريح في وجوب القضاء. (وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ) أي على القادرين على الصوم ولكن بمشقة شديدة وجهد كبير كالحامل المقرب وذي العطاش والشيخ الهرم إلخ. فلهم الخيار بين الصوم ، والفدية ، لكل يوم إطعام مسكين. (فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً) أي زاد على مقدار الفدية (فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ) أي أن الزيادة في الفدية خير على خير (وَأَنْ تَصُومُوا) أيها المطيقون للصوم (خَيْرٌ لَكُمْ) يعني أن الصيام خير من الفدية والتطوّع فيها (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) فضيلة الصوم وما يترتّب عليه من المنافع أو المصالح الدينية والدنيوية.
١٨٥ ـ (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي) ... بيان للأيام المعدودات ، ورمضان : مصدر : رمض ، أي احترق من الرّمضاء ، أضيف إليه الشهر وأصبح علما. (أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) جملة إلى السماء الدنيا ، ثم نجوما إلى الأرض في طول عشرين سنة. أو ابتداء أنزل فيه ، وكان ذلك في ليلة القدر. والقرآن هو (هُدىً لِلنَّاسِ) هاديا للناس إلى الحق (وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى) أي آيات واضحات مما يهدي إلى الطريق السّويّ (وَالْفُرْقانِ) وها هو فارق بين الحق والباطل. (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ) أي حضره كلّا أو بعضا وكان غير مسافر ولا مريض. (فَلْيَصُمْهُ) أي فليصم فيه (وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ) أي في سفر (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) كرّر تأكيدا لوجوب الإفطار والقضاء. (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) أي في جميع أموركم لا التضييق ، ومن جملة ذلك ما أمركم بالإفطار في المرض والسفر. (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) لتتموا بالقضاء عدّة ما أفطر في شهر رمضان من أيام المرض والسفر (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) أي لتعظّموه على ما أرشدكم إليه من أحكام الدين أو المراد التكبير بعد الصلوات ليلة الفطر وغداة العيد وصلاة العيد. (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) نعم الله بما يسّر عليكم.
١٨٦ ـ (وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ) ... قربه سبحانه كونه مع الإنسان. أي أني أسمع دعاءهم كما أن القريب يسمع من يناجيه. (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ) وفي هذا تقرير للقرب ووعد للداعي بالإجابة (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي) أي يجب أن تجيبوني فيما دعوتهم إليه (وَلْيُؤْمِنُوا بِي) وليصدقوا بقدرتي (لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) يهتدون إلى إصابة الحق.