٢٢٥ ـ (لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) ... اللّغو في الأيمان ما لا قصد معه بل يجري على عادة اللسان لقول العرب : لا والله ، وبلى والله ، لمجرّد التأكيد. أي لا يؤاخذكم الله بما لا قصد معه من الحلف فهو لغو أي لا فائدة فيه ولا كفّارة (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) أي بما قصدت قلوبكم وانعقدت عليه ، فإن عقد القلب هو كسبه. (وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ) يغفر الذنوب ويمهل العقوبة.
٢٢٦ ـ (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) ... يؤلون من ألى يؤلي إيلاء وهو الحلف والمعنى هنا : للّذين يحلفون على عدم مجامعة نسائهم أزيد من أربعة أشهر ضرارا عليهنّ ، يمهلون أربعة أشهر. (فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي رجعوا إليهن وجامعوهنّ تجب عليهم كفّارة الحنث ولا عقوبة عليهم رحمة من الله بهم.
٢٢٧ ـ (وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) : ... وإذا مضت الأشهر الأربعة ولم يجامع ألزمه الحاكم على الرجوع والكفارة أو الطلاق. فإن صمم على الطلاق وتلفظ به مع استجماع شرائط صحته فإن الله يسمع تلفظه ويعلم نيته.
٢٢٨ ـ (وَالْمُطَلَّقاتُ) أي المخلّيات عن علقة أزواجهن بالطلاق وكان مدخولا بهن وكن ممن يحضن وغير حوامل. (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) ينتظرن بأنفسهن انقضاء ثلاثة قروء فلا يجوز لهن أن يتزوجن في هذه المدة. والقروء جمع قرء وهو الطهر ، وقيل هو الحيض. (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَ) أي لا يجوز للمطلقات اللواتي تجب عليهن العدة أن يخفين حملهن إن استبان لئلا يظلمن أزواجهن بمنع الرجوع في الطلاق أو بنسبة الولد إلى غير الزوج صنع الجاهلية. (إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي يصدّقن بيقين ، فإن الإيمان الواقعي مانع عن الكتمان والكذب ، بل وعن كل عمل غير مشروع. (وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ) أي أزواجهن أولى بمراجعتهن في فترة العدة. (إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً) يعني إذا اتّفقا على حسن الزوجية لا إذا كان القصد من رجوع الزوج الإضرار بالزوجة. (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ) للنساء على أزواجهن مثل ما لهم على زوجاتهم من حقوق متعارفة بين العقلاء كلّ بحسبه. أي أنّ للنساء على رجالهنّ حقوقا كما أن لهم عليهنّ حقوقا لا بد من أدائها إليهم. (وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) أي فضيلة كالطاعة والرجوع وزيادة الميراث والجهاد إلخ. (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) أي غالب على أمره ، وفاعل لما تقتضيه الحكمة.
٢٢٩ ـ (الطَّلاقُ مَرَّتانِ) ... أي الطلاق الذي يملك فيه الزوج حق الرجوع في العدة من دون عقد جديد مرتان. (فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ) أي فعليكم إرجاعهن بشرط عدم كون الرجوع للإضرار بهن وإلا فاتركوهن حتى يخرجن من عدتهن فتبن منكم وقيل : المراد بتسريح بإحسان الطلقة الثالثة. (وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً) فلا يحل أخذ شيء مما كنتم أعطيتموهن من المهر ثم استثنى بدل الخلع فقال : (إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) من الوظائف الزوجية المقررة لكل منهما. (فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللهِ) أي الوظائف المقرّرة في الزوجية (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ) أي لا بأس في مثل هذه الحال أن يأخذ الزوج الفدية في عوض طلاقه إيّاها. ولا بأس بإعطاء الزوجة له فدية مقابل تطليقها. (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) إشارة إلى ما حدّد وشرّع من الأحكام (فَلا تَعْتَدُوها) أي لا تتجاوزوها (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللهِ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) ومن يتعدّ حدوده سبحانه يكون ظالما لنفسه أو لزوجته.
٢٣٠ ـ (فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ) : ... أي إن طلّقها الزوج للمرة الثالثة بعد الطلاقين المتقدم ذكرهما فلا تحل له ولو بالعقد. (حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) أي بعد أن ينكحها زوج آخر غير زوجها الذي طلّقها (فَإِنْ طَلَّقَها) أي الزوج الجديد ، بعد دخوله فيها (فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا) أي لا إثم على الزوجة وزوجها الأول أن ينشأ الزوجية بعد عدتها بعقد جديد. (إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيما حُدُودَ اللهِ) أي إذا اعتقدا أنهما قد يلتزمان بما شرعه الشارع لهما من لوازم الزوجية. (وَتِلْكَ حُدُودُ اللهِ) كل ما ذكر هو أحكام الله الأمور التي بيّنها في النكاح والطلاق والرّجعة ، والمراد بحدود الله هو طاعاته وشرائعه التي ذكرت قبل هذه الجملة ، لا مطلق الأحكام وإن كانت كلها حدود الله عزوجل (يُبَيِّنُها لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) ويوضحها للعلماء.