آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) وصلة ذلك بقوله تعالى : (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً ...) لا تخفى ، وتأتي بعد ذلك سورة الواقعة لتفصل في أصناف الناس يوم القيامة ، وتقيم الحجة على الكافرين وصلة ذلك بقوله تعالى (ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) لا تخفى.
والخلاصة :
إن ما مر معنا من قبل يساعدنا كثيرا على تحديد أن هذه السور الست تشكل مجموعة متكاملة ، فإن السور الثلاث الأولى منها مبدوءة بقسم (وَالذَّارِياتِ وَالطُّورِ وَالنَّجْمِ) وذلك علامة على أنها تفصل في الآيات الأولى من مقدمة سورة البقرة ، كما فصلت زمرة (الم) العنكبوت ، والروم ، ولقمان ، والسجدة في هذه المقدمة.
وكما فصلت سورة الأنبياء المبدوءة ب (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ) في قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) فإن سورة القمر مبدوءة ب (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) تفصل في المحور نفسه ، وعلى هذا فالسور الأوائل الأربعة من هذه المجموعة تفصل في مقدمة سورة البقرة.
وتأتي سورة الرحمن والواقعة لتفصلا فيما بعد المقدمة من سورة البقرة : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً) فسورة الرحمن التي تبدأ بقوله تعالى (الرَّحْمنُ* عَلَّمَ الْقُرْآنَ* خَلَقَ الْإِنْسانَ ...) تفصل في التعريف على صنع الخالق ، وسورة الواقعة تكمل التفصيل لذات المقطع. وسنرى تفصيلات ذلك وأدلته بشكل موسع أثناء الكلام عن السور ومحاورها.
ونلاحظ أن سورا كثيرة قد تفصل في محور واحد ، ولكنا نجد أن كل سورة تفصل بشكل جديد ، وعلى طريقة عرض جديدة ، وفيها ـ فيما يتعلق بالتفصيل ـ شىء جديد ، ولها جرسها الخاص ، وتأثيرها الخاص ، وذلك بعض مظاهر الإعجاز.
وسنرى في هذه المجموعة بشكل بارز صلة أوائل السورة اللاحقة بأواخر السورة السابقة ، وهو شىء ركز عليه الذين تكلموا عن الوحدة القرآنية من قبل ، فكتب في ذلك