الدعوة ذريعة إلى قعود الباقين عنها إذا أقامها البعض حين قال فى موافقاته : «القيام بذلك الفرض قيام بمصلحة عامة ، فهم مطالبون بسدها على الجملة ، فبعضهم قادر عليها مباشرة ، وذلك من كان أهلا لها ، والباقون وإن لم يقدروا عليها قادرون على إقامة القادرين ، فمن كان قادرا على الولاية فهو مطلوب بإقامتها ، ومن لا يقدر عليها مطلوب بإقامة القادر وإجباره على القيام بها ، إذ لا يتوصل إلى القيام إلّا بالإقامة ، من باب «ما لا يتم الواجب إلّا به فهو واجب».
وإذا كانت تجزئة القرآن فى النزول على أكثر من عشرين عاما كافية لدراسة منهج الدعوة القرآنية من خلال هذا المنهج النزولى لإنشاء أمة مؤمنة لم تكن مؤمنة من قبل ، فإن جمع القرآن فى المصحف على ترتيب آخر غير ترتيب النزول بأمر الوحى هو دستور حياة الأمة التى استجابت وآمنت بالفعل ، ومنهاج دعوة فى أوساط تلك الأمة التى قامت دعائمها بالفعل على أساس من الإسلام. ومن تأمل فى ترتيب النزول وترتيب المصحف أذهله العجب من تلك الدقة البالغة فى كلا المنهجين ، وهو الأمر الذى سوف نحاوله إن شاء الله فى الدراسة المقدمة لكتاب (أسرار ترتيب القرآن).
ولكن هذه الإشارة العابرة ، وما سوف نكتبه إن شاء الله ، ما هو إلّا ضوء قليل على الطريق ، نرجو أن يواصله القادرون من المؤمنين ، ويتعهدوه بالدرس والبحث والنشر لخدمة القرآن الذى لم تكشف كل أسراره بعد.
الدراسات القرآنية وأهميتها :
لقد أجاد الباحثون فى أرجاء القرآن فيما عدا الباحثين عن إعجازه فإنهم لم يصلوا إلى مقطع الصواب فى هذا المضمار.
لقد أجاد اللغويون بحث القرآن من وجوه العربية إجادة