(وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِ) بلفظ الاسم ، عملا بالشبهين ، وأخّر لفظ الاسم ، لأن الواقع بعده اسمان (١) ، والمتقدم اسم واحد ، بخلاف ما فى آل عمران ، لأن ما قبله وما بعده أفعال ، فتأمل فيه فإنه من معجزات القرآن.
١٠٧ ـ قوله : (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) (٩٧) ، ثم قال : (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ) (٩٨) ، وقال بعدهما : (إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (٩٩) ، لأن من أحاط علما بما فى الآية الأولى (٢) صار عالما ، لأنه أشرف العلوم ، فختم الآية بقوله : (يَعْلَمُونَ) ، والآية الثانية (٣) مشتملة على ما يستدعى تأملا وتدبرا ، والفقه علم يحصل بالتدبر (والتأمل) (٤) والتفكر (٥) ولهذا لا يوصف به الله سبحانه وتعالى ، فختم الآية بقوله : (يَفْقَهُونَ) ، ومن أقر بما فى الآية الثالثة صار مؤمنا حقّا (٦) ، فختم الآية بقوله : (يُؤْمِنُونَ) (٧) ، حكاه أبو مسلم عن الخطيب.
وقوله : (إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ) (٩٩) ، فى هذه السورة بحضور الجماعات وظهور الآيات ، عم الخطاب وجمع الآيات.
١٠٨ ـ قوله : (أَنْشَأَكُمْ) (٩٨) ، وفى غيرها : (خَلَقَكُمْ)
__________________
(١) الأسماء هما : (فالِقُ ـ جاعِلٌ) على قراءة باقى السبعة. انظر (الهامش رقم ٢ من الصفحة السابقة).
(٢) وهى قوله تعالى : (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ).
(٣) هى قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ) والفقه هنا التأمل لإرجاع ذلك كله إلى الله.
(٤) سقطت من أ.
(٥) فى ب : التفكير والتدبر.
(٦) وهى قوله : (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ).
(٧) وجاء فى الآية ١٣٦ من نفس السورة : (قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ). وأغفلها المؤلف. ووجهه : أن من فقه وعلم وآمن نفعه التذكر ، وقد سبقها تحذير من الهوى الذى يضل على علم ، ومن إيحاء الشياطين إلى أوليائهم ، ومن أكابر المجرمين ، ومن تذكر وهو عالم فقيه نجا من كل ذلك. كما أن مادة (ذكر) سبقت فى الآية فى قوله تعالى : (وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) ، وقوله : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ) فكان مناسبا له والله أعلم.