شبابنا لا زالوا فى حيرة بين نداءات الإيمان الرزينة العميقة ، وبين عويل تلك الفلول المندحرة من قنافذ الإلحاد وقد لجأت إلى استثارة الرحمة واصطناع خلائق اللؤم وتوسلات الضعف.
وكان لزاما على كل مخلص لدينه ، مكين الإيمان برسوله وبكتابه المبين : أن يسهم بقبس من نور القرآن يشعله أعقاب تلك الفتنة المدمرة التى أرادت بالمسلمين السوء ، ليكون نورها قبس إيمان فى قلوب الشباب. وبصيرة يقين فى أفئدة الشيوخ ، ونار هلاك لتلك الطفيليات التافهة ، وهو الأمر الذى اعتزمته بحول الله وقوته فى مجموعة من الدراسات القرآنية الواعية أبدأها بكتاب البرهان ، وأثنيها إن شاء الله بكتاب «تناسق الدرر» لجلال الدين السيوطى ، وبما شاء الله مما نعثر عليه بين خزائن المخطوطات.
تاج القراء الكرمانى وكتابه «البرهان» :
الكرمانى هذا ليس هو الكرمانى شارح صحيح البخارى ، وإنما هو تاج القراء محمود بن حمزة بن نصر أبو القاسم برهان الدين الكرمانى ، ولم يترجم له سوى ياقوت فى معجم الأدباء (١٩ / ١٢٥) وقال عنه : أحد العلماء الفهماء النبلاء ، صاحب التصانيف والفضل ، كان عجبا فى دقة الفهم وحسن الاستنباط ، لم يفارق وطنه ولم يرحل ، وكان فى حدود الخمسمائة ، وتوفى بعدها ، صنف لباب التفسير وعجائب التأويل (وقد أشار إليه السيوطى ناقلا عنه رأيا فى تناسق توالى الحواميم وذلك فى كتابه تناسق الدرر) ، والإعجاز فى النحو ، والنظامى فى النحو ، والإشارة والعنوان فى النحو ، وغير ذلك : ثم ساق له نموذجا من شعره فى النحو على غرار ألفية ابن مالك.