وفى لقمان : (إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ) (٢٦) إذا لم تكن سورة لقمان بهذه الصفة.
وإن شئت قلت : لما تقدم فى هذه السورة ذكر الله سبحانه وذكر الشيطان أكدهما ، فإنه خبر وقع بين خبرين ، ولم يتقدم فى لقمان ذكر الشيطان فأكد ذكر الله تعالى وأهمل ذكر الشيطان ، وهذه دقيقة.
سورة المؤمنون
٣٢٨ ـ قوله تبارك وتعالى : (لَكُمْ فِيها فَواكِهُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (١٩) بالجمع وبالواو ، وفى الزخرف : (فاكِهَةٌ) (٧٣) على التوحيد (مِنْها تَأْكُلُونَ) (٧٣) بغير واو. راعى فى السورتين لفظ الجنة. فكانت هذه جنات (١) بالجمع ، فقال : (فَواكِهُ) (١٩) بالجمع ، وفى الزخرف : (وَتِلْكَ الْجَنَّةُ) (٧٢) بلفظ التوحيد ، وإن كانت هذه جنة الخلد ، لكن راعى اللفظ فقال : (فِيها فاكِهَةٌ) (٧٣).
وقال فى هذه السورة : (وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (١٩) بزيادة الواو ، لأن التقدير الآية : منها تدخرون ومنها تبيعون (٢) ، وليس كذلك فاكهة الجنة ، فإنها للأكل فحسب ، فلذلك قال فى الزخرف : (مِنْها تَأْكُلُونَ) (٧٣) ووافق هذه السورة ما بعدها أيضا وهو قوله : (وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ) (٢١). فهذا للقرآن معجزة وبرهان.
٣٢٩ ـ قوله : (فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ) (٢٤) ، وبعده : (وَقالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقاءِ الْآخِرَةِ وَأَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) (٣٣) فقدم (مِنْ قَوْمِهِ) فى الآية الأخرى ، وفى الأولى أخّر ، لأن صلة (الَّذِينَ) فى الأولى اقتصرت على الفعل وضمير الفاعل (٣) ، ثم ذكر بعده الجار والمجرور ، ثم ذكر
__________________
(١) فى نفس الآية : (فَأَنْشَأْنا لَكُمْ بِهِ جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ).
(٢) فى ب : ومنها تبغون.
(٣) وهى قوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا).