لأن الأول لعطف جملة على جملة فحسب ، والثانى لعطف جملة على جملة بينهما مناسبة والتئام ، لأنه حكى أحوال أهل الجنة ، ومذاكرتهم فيها ما كان يجرى فى الدنيا بينهم وبين أصدقائهم ، وهو قوله : (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ. كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (١) * فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ) «٤٨ ، ٥٠» : أى يتذاكرون.
وكذلك فى (ن وَالْقَلَمِ) هو من كلام أصحاب الجنة بصنعاء ، لما رأوها كالصريم ، وندموا ما كان منهم ، وجعلوا يقولون : (سُبْحانَ رَبِّنا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ) (٢٩). بعد أن ذكرهم التسبيح أوسطهم. ثم قال :(فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَلاوَمُونَ) (٣٠) أى على تركهم الاستثناء وتخافتهم : (أَنْ لا يَدْخُلَنَّهَا الْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِسْكِينٌ) (٢٤).
٤٢٧ ـ قوله : (إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) (٣٤) ، وفى المرسلات : (كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) (١٨) ، لأن فى هذه السورة حيل بين الضمير (٢) ، وبين كذلك بقوله : (فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ) (٣٣) فأعاد.
وفى المرسلات متصل بالأول ، وهو قوله : (ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ. كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ) «١٧ ، ١٨» ، فلم يحتج إلى إعادة الضمير.
٤٢٨ ـ قوله : (إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) (٣٥) ، وفى القتال : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ) (١٩) بزيادة (أَنَّهُ) وليس لهما فى القرآن ثالث ، لأن ما فى هذه السورة وقع بعد القول ، فحكى (المقول) ، وفى القتال وقع بعد العلم ، فزيد قبله (أَنَّهُ) ، ليصير مفعول العلم ، ثم يتصل به ما بعده.
__________________
(١) مكنون : مصون.
(٢) الضمير هو (إِنَّا) فى قوله تعالى : (فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ) [٣٢] ولو لا الفصل لاتصل الكلام ولم يكرر (إِنَّا).