سورة ص
٤٣٣ ـ قوله تعالى : (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ) (٤) بالواو ، وفى «ق» : (فَقالَ) (٢) بالفاء ، لأن اتصاله بما قبله فى هذه السورة معنوى ، وهو أنهم عجبوا من مجىء المنذر وقالوا : هذا المنذر ساحر كذاب. واتصاله فى «ق» معنوى ولفظى ، وهو أنهم عجبوا فقالوا : (هذا شَيْءٌ عَجِيبٌ) (٢) فراعى المطابقة والعجز والصدر ، وختم بما بدأ به ، وهو النهاية فى البلاغة.
٤٣٤ ـ قوله : (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا) (٨) ، وفى القمر : (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا) (٢٥) ، لأن ما فى هذه السورة حكاية عن كفار قريش يجيبون محمدا صلىاللهعليهوسلم حين قرأ عليهم : (وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ) ، فقالوا : (أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا) (٨) ، ومثله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ) «١٨ : ١» ، و (تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ) «٢٥ : ١» وهو كثير.
وما فى القمر حكاية عن قوم صالح ، وكان يأتى الأنبياء يومئذ صحف مكتوبة ، وألواح مسطورة ، كما جاء إبراهيم وموسى ، فلهذا قالوا : (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ) (٢٥) ، مع أن لفظ الإلقاء يستعمل لما يستعمل له الإنزال.
٤٣٥ ـ قوله : (وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا) (٤٣) ، وفى الأنبياء :(رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) (٨٤) ، لأن الله سبحانه ميز أيوب بحسن صبره على بلائه بين أنبيائه ، فحيث قال لهم : (مِنْ عِنْدِنا). قال له :(مِنْ) وحيث لم يقل لهم : من عندنا قال له : (مِنْ عِنْدِنا).
فخصت هذه السورة بقوله : (مِنَّا) لما تقدم فى حقهم (مِنْ