سورة العلق
٥٦٨ ـ قوله : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ) (١) ، وبعده : (اقْرَأْ وَرَبُّكَ) (٣) ، وكذلك : (الَّذِي خَلَقَ) (١) ، وبعده : (خَلَقَ) (٢) ، ومثله : (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ) (٤) و (عَلَّمَ الْإِنْسانَ) (٥) ، لأن قوله : (اقْرَأْ) مطلق ، فقيده بالثانى ، والذى خلق علم فخصه بما بعده ، و (عَلَّمَ) مبهم ففسره فقال : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) (١).
سورة القدر
٥٦٩ ـ قوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ. وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ) «١ ، ٢» ، ثم قال : (لَيْلَةُ الْقَدْرِ) (٣) فصرح به وكان حقه الكناية رفعا لمنزلتها ، فإن الاسم قد يذكر بالتصريح فى موضع الكناية تعظيما وتخويفا كما قال الشاعر :
لا أرى الموت يسبق الموت حتى |
|
نغص الموت ذا الغنى والفقيرا |
فصرح باسم الموت ثلاث مرات تخويفا ، وهو من أبيات الكتاب.
__________________
(١) ما ذكره المؤلف فى هذه السورة لا يكفى للكشف عن براهين القرآن فيها. والذى أراه والله أعلم : أن (اقْرَأْ) الأولى خاصة بالقرآن حفظا وتأملا ، لأنها كذلك فى سبب نزولها. وقرنها بقوله : (بِاسْمِ رَبِّكَ) تنبيها على الاستعانة به تعالى فى فهم مراده من كتابه. و (اقْرَأْ) الثانية مراد بها جميع العلوم المدونة التى تعين على زيادة الإيمان وقوته ، بالاستعانة بالله وبفيض كرمه ، ولذلك قال : (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ) بعد قوله : (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ).
و (خَلَقَ) الأولى حث على التأمل فى صفة الخلق بالاستعانة به (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) وكذلك سائر جزئيات الخلق.
و (عَلَّمَ) الأولى هى العلوم المكتوبة المدونة بالقلم مما يعين على الإيمان وللعبد فيها مدخل. والثانية العلم الموهوب من الله تعالى إذا روعيت الملابسات السابقة. ومن الملاحظ أن بداية العلم تأمل كلى يؤدى إلى العلم الجزئى ، ثم ينتهى الجزئى إلى الكلى أيضا على وجه أشمل وأقوى. فقد بدأ فى السورة ب (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) وتدرج إلى الجزئى (خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ) ، ثم إلى جهد الإنسان مستعينا بربه (عَلَّمَ بِالْقَلَمِ). وانتهى إلى فيض الله ومواهبه (عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ).