سورة الفاتحة
١ ـ أول المتشابهات قول : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. مالِكِ) فيمن جعل (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) آية (١) من الفاتحة. وفى تكراره قولان : قال على بن عيسى (٢) : إنما كرّر للتوكيد ، وأنشد قول الشاعر :
هلّا سألت جموع كن |
|
دة يوم ولّوا أين أينا |
وقال قاسم بن حبيب (٣) : إنما كرّر لأن المعنى : وجب الحمد لله لأنه الرحمن الرحيم.
قلت : إنما كرّر لأن الرحمة هى : الإنعام على المحتاج. وذكر فى الآية الأولى المنعم ولم يذكر المنعم عليهم ، فأعادها مع ذكرهم وقال : (رَبِّ الْعالَمِينَ. الرَّحْمنِ) لهم جميعا (٤) ، ينعم عليهم ويرزقهم (الرَّحِيمِ) بالمؤمنين خاصة يوم الدين ، ينعم عليهم ويغفر لهم.
٢ ـ قوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ). كرر (إِيَّاكَ) وقدّمه ، ولم يقتصر على ذكره مرة ، كما اقتصر على ذكر أحد المفعولين فى آيات كثيرة منها : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) (٥). أى : ما قلاك. وكذلك الآيات التى بعدها معناها : (فآواك ـ فهداك ـ فأغناك) ، لأن فى التقديم فائدة ، وهى : قطع الاشتراك ، ولو حذف لم يدل على
__________________
(١) الذين جعلوا البسملة آية من الفاتحة : ابن عباس ، وابن عمر ، وابن الزبير ، ومكحول ، وطاوس ، وابن المبارك ، وابن شهاب وطائفة لا تحصى والشافعى وابن وهب المالكى ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو عبيد ، وطائفة من أهل النظر والأصول (العلوم والمعانى ورقة ١٥).
(٢) على بن عيسى أبو الحسن الرمانى مفسر من كبار النحاة. ولد ببغداد ومات بها سنة ٣٨٤ ه. له مؤلفات منها : التفسير وهو مفقود ، والمعلوم والمجهول ، والأكوان ، ورسائل فى إعجاز القرآن ... وغيرها. انظر ترجمته فى : (بغية الوعاة ٢ / ١٨٠ ، ١٨١ ، وفيات الأعيان ، وتاريخ بغداد ٢ / ١٦ ، ونزهة الألباء ٢٨٩ ، وإنباء الرواة ٢ / ٢٩٤).
(٣) قاسم بن حبيب ذكره الزبيدى فى الطبقة الرابعة من النحاة بالقيروان. (طبقات النحويين واللغويين ٣٧٢) ، وذكره السيوطى فى بغية الوعاة ٢ / ٢٥٢ / ١٩١٧.
(٤) فى أ : أجمعين.
(٥) سورة الضحى ، الآية ٣.