بالمعروف ، هو ما ذكر فى قوله : من معروف. فتأمل فيه فإن هذا دليل على إعجاز القرآن (١).
٤٨ ـ قوله : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا) (٢٥٣). كرّر هنا تأكيدا. وقيل : ليس بتكرار ، لأن الأول : للجماعة ، والثانى : للمؤمنين. وقيل : كرّر تكذيبا لمن زعم (أن ذلك) (٢) لم يكن بمشيئة الله تعالى.
٤٩ ـ قوله : (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) (٢٧١) فى هذه السورة بزيادة (مِنْ) موافقة لما بعدها ، لأن بعدها ثلاث آيات فيها (مَنْ) على التوالى وهى قوله : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ) ثلاث مرات (٣).
٥٠ ـ قوله : (فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) (٢٨٤). (يغفر) مقدم فى هذه السورة وغيرها ، إلّا فى المائدة فإن فيها : (يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَيَغْفِرُ) (٤٠) ، لأنها نزلت بعدها فى حق السارق والسارقة (٤) ، وعذابهما يقع فى الدنيا ، فقدم لفظ العذاب ، وفى غيرها
__________________
(١) الآية دليل على أن القرآن من عند الله ، فلو كان من عند النبى صلىاللهعليهوسلم لوضع الآية الثانية أو لا بمقتضى كونها منسوخة ، وبمقتضى المتعارف من لغة العرب حتى تتعرف النكرة بتكرارها حسب قواعد اللغة. ولكن الحكمة الإلهية اقتضت أن يتقدم الناسخ فى الترتيب باعتباره حكما يجب العمل به ، على الفور ، فهو مقدم لذلك ، وأن يتأخر المنسوخ باعتباره مستبعدا من ناحية العمل به ، ومع ذلك يأخذ حكم المقدم باعتباره سبقه فى النزول ، فيتعرف بالتكرار وإن لم يكن جاريا على الترتيب المتعارف فى اللغة ظاهرا ، وليس هذا صنيع إنسان أمي ، بل هو الله منزل الكتاب.
(٢) سقطت من ب. وهو يقصد قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ وَمِنْهُمْ مَنْ كَفَرَ وَلَوْ شاءَ اللهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلكِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ) (المراجع).
(٣) كررت (مَنْ) ثلاث مرات فى قوله تعالى : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ) [٢٧٢] وكررت كذلك فى قوله تعالى : (وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) [٢٧٣]
(٤) وذلك فى قوله تعالى : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالاً مِنَ اللهِ) [٣٨]. وتلك المراعاة الدقيقة للمعانى من دقائق إعجاز القرآن ، فالكلام البشرى يكثر فيه التجوز ونسيان السوابق واللواحق ، دون كلام الحكيم سبحانه وتعالى.