ويلزم حينئذ (١) خروج المال عن ملك البائع قبل دخوله فيه (٢).
وفيه (٣) : منع كون الإجازة كاشفة
______________________________________________________
(١) أي : حين القول بكاشفية الإجازة مطلقا.
(٢) أي : في ملك البائع ، وهذا نقل عبارة المقابس بالمعنى ، وإلّا فنصّ كلامه هو : «قبل دخوله في ملكه ، وهو محال» فلاحظ.
(٣) أي : وفي هذا المحذور العقلي الذي أفاده صاحب المقابس قدسسره إشكال.
توضيح ذلك : أنّ عقد الفضولي إذا كان في نفسه جامعا لشرائط الصحة ، ولم يكن مانع عن تأثيره ونفوذه إلّا عدم رضا المالك ، فإن أجاز المالك صحّ العقد من حين وقوعه. وإن لم يجز وانتقل المال الذي عقد عليه فضولا إلى العاقد الفضول بالشراء أو الإرث ، وأجاز هو عقده الفضولي ، وقع البيع له ، ونفذ من زمان الإجازة لا من زمان العقد ، إذ شرط صحة الإجازة وقابليتها لتأثير العقد وتنفيذه أن تكون صادرة ممّن له أهليّة الإجازة ، ومن المعلوم إناطة أهليتها بصدورها عن المالك التام المالكية ، بأن لا يكون محجورا عن التصرف في ماله.
وبالجملة : فدليل اعتبار الإجازة يدلّ على اعتبارها في محلّ قابل ، وقابلية المحل منوطة بمالكية المجيز ، فبدونها ليست الإجازة قابلة لتصحيح العقد وتنفيذه.
وعلى هذا فإجازة العاقد الفضول ـ الذي صار مالكا فعلا للمال المعقود عليه فضولا ـ كاشفة عن صحة العقد الفضولي من زمان تملكه لما باعه فضولا ، لا من زمان وقوع العقد ، لأنّ قابلية الإجازة للتأثير إنّما تكون من زمان تملك المجيز لا من زمان العقد لعدم كونه مالكا للمال حين العقد حتى تصلح إجازته للتأثير من زمان صدوره.
فلا يلزم حينئذ من صحة الفضولي تناقض ولا تضاد حتى نضطرّ إلى رفع اليد عن العمومات الدالة على صحة عقد الفضولي ، ونرجع إلى الأصل العملي ، وهو أصالة الفساد ، ونلتزم ببطلان عقد الفضولي كصاحب المقابس.
وبعبارة أخرى : كلام صاحب المقابس قدسسره مبني على أنّ الإجازة في جميع البيوع الفضولية كاشفة عن ترتب النقل والانتقال عليها من حين إنشائها ، فلذا يتوجه المحذور المتقدم من اجتماع مالكين على مال واحد وغيره.