ويرد (١) على الوجه الثاني أوّلا : أنّ (٢) الإجازة وإن كانت رضا بمضمون العقد ، إلّا أنّ مضمون العقد
______________________________________________________
بإجازة المالك. فقبل الإجازة الكاشفة عن الرضا وطيب النفس لا يحلّ التصرف ، فعدم صحة الالتزام بهذا الفرع يكشف عن عدم صحة الالتزام بالأصل ، وهو شرطية التعقب.
(١) معطوف على قوله في (ص ١٨) : «ويرد على الوجه الأوّل» وهذا إشكال على ثاني الوجهين اللذين احتج بهما صاحب الرياض وغيره للقول بالكشف ، وحكاه المصنف قدسسره بقوله : «وبان الإجازة متعلقة بالعقد فهي رضا بمضمونه .. إلخ».
(٢) قد أورد المصنف قدسسره على ثاني وجهي الاستدلال بوجوه ثلاثة :
الأوّل : أنّ الإجازة وإن كانت متعلّقة بالعقد ورضا بمضمونه ، إلّا أنّ مضمون العقد ليس هو نقل العوضين من حين وقوع العقد حتى يكون هذا المضمون موردا للإجازة والرضا ، ويلتزم لأجله بالكشف ، بل مضمون العقد نفس النقل من دون تقيّده بزمان وقوعه ، فالزمان ظرف لوقوعه ، حيث إنّ العقد كغيره من الزمانيّات والمكانيّات ـ المحتاجتين في وجودهما إلى زمان ومكان ـ لا بدّ أن يقع في زمان ومكان ، من دون أن يكون شيء منهما قيدا له.
وبعبارة أخرى : ما تقدم في تقرير الدليل من «أن مضمون العقد ليس إلّا نقل العوضين من حين العقد» ممنوع ، فإنّ المنشأ هو الملكية المرسلة ، لا المقيّدة بحصولها من زمان العقد ، ومن المعلوم الفرق بين تمليك شيء للمشتري مقيدا بزمان العقد ، وبين تمليكه إيّاه وحصول الملكية له حين العقد.
وإن شئت فلاحظ نظيره في العلل التكوينية ، فالحرارة مثلا معلولة للنار ، لكنّها غير مقيّدة بها زمانا ومكانا ، وإنما توجد في زمان ومكان من جهة أن الموجود المادّي لا يخلو منهما.
وعليه فوقوع الزماني في الزمان لا يستلزم كون الزمان قيدا له ، بل قد يكون قيدا وقد يكون ظرفا محضا. والمدّعى هو أنّ الملكية الحاصلة بالإنشاء الفضولي معرّاة عن اعتبار الزمان قيدا ، وغير مقيده بحصولها من زمان الإنشاء. وحينئذ تتعلق إجازة المالك بأصل التمليك ، وهو الممضى شرعا ، لا الملكية من زمان الإنشاء حتى يثبت القول بالكشف.