ثمّ إنّ هنا (١) إشكالا في شمول الحكم بجواز تتبّع العقود
______________________________________________________
الآخر ، كما إذا باع الفضول عبد الغير بفرس ، ثم باع الفرس بدرهم ، ثم باع الدرهم برغيف ، ثم باع الرغيف بعسل.
هذا تمام الكلام في حكم إجازة بعض العقود المترتبة بناء على كلّ من الكشف والنقل ، وسيأتي التعرض لإشكال يختص بما إذا علم المشتري بغصبية المبيع.
إشكال جواز تتبع العقود لو علم المشتري بالغصب
(١) أي : إنّ في جواز إجازة المالك أيّ عقد من العقود ـ الجارية على عين ماله أو على عوضه ـ إشكالا في صورة علم المشتري بغصبية المبيع ، نبّه عليه العلّامة ، وأوضحه فخر الدين وقطب الدين الرازي والشهيد قدسسرهم ، وقد تقدم الإشارة إليه في ثالثة مسائل بيع الفضولي ، فراجع (١). وناسب التعرض له هنا أيضا.
وكيف كان فمحصل الاشكال : أنّه يلزم أن يكون البيع المجاز بيعا بلا ثمن ، وبطلانه واضح. ومنشأ هذا المحذور ما ذهب إليه الفقهاء من عدم ضمان البائع ـ الغاصب ـ للثمن الذي يأخذه من المشتري بإزاء المبيع المغصوب ، مع فرض علم المشتري بغصبية المبيع ، إذ لا يتحقق حينئذ مفهوم المعاوضة التي حقيقتها كون كلّ من المالين بإزاء الآخر ، لفرض أنّه لا يكون بإزاء المبيع مال ، لكون التسليط على الثمن مع العلم بغصبية المبيع مجانيا ، فالضمان المعاوضي المقوّم للبيع مفقود هنا ، فإجازته كالعدم ، لكونها إجازة لبيع بلا ثمن ، ومن المعلوم أنّه ليس بيعا.
فصورة علم المشتري بغصبية المبيع للبائع الفضول خارجة موضوعا عن مسألة تتبع العقود ، وإجازة المالك لأيّ عقد شاء من العقود الجارية على عين ماله أو بدله.
وبعد صيرورة الثمن ملكا للبائع الغاصب بسبب تسليط المشتري ، فإذا اشترى الغاصب لنفسه سلعة بالثمن المزبور صارت السلعة ملكا له ، فلا يكون البيع الأوّل ولا هذا الشراء ـ وكذا العقود اللاحقة الواقعة على هذه السلعة ـ مرتبطين بالمالك الأوّل حتى يكون له الإجازة والتتبّع.
__________________
(١) هدى الطالب ، ج ٤ ، ص ٦٠٦ ـ ٦١٠.