هذا (١) كلّه مضافا (٢)
______________________________________________________
مال غيره ، بل يقصد إتلاف مال نفسه ، أو مال من أباح له إتلافه.
فإن قلت : لا وجه لتشبيه المغرور بالمكره ، للفرق بينهما ، فإنّ المكره لا يخاطب بالضمان ، من جهة قوة السبب وضعف المباشر كما صرّح به في (ص ٥٤٠) بقوله : «والمتجه في مثل ذلك عدم الرجوع إلى المباشر أصلا ، كما نسب إلى ظاهر الأصحاب في المكره» وهذا بخلاف المغرور ، إذ لا كلام في جواز رجوع المالك عليه بالغرامة ، ولكنّه لمكان الغرور يرجع إلى الغارّ. فالفرق بين المكره والمغرور ثابت.
قلت : ليس المقصود من التشبيه إثبات وحدة حكم المكره والمغرور حتى يقال بالفرق بينهما. بل المراد من التشبيه اشتراكهما في الجهة المحقّقة لموضوع الغرور والإكراه مع الغضّ عن حكم رجوع المالك على المغرور دون المكره ، وتلك الجهة الجامعة بينهما عدم استقلالهما في القصد إلى عنوان التصرّف في مال الغير أو إتلافه. إذ بملاحظة انتفاء هذا القصد صار المكره مكرها والمغرور مغرورا.
وبيانه : أنّ المكره يكون كالآلة للمكره من أجل اللّابدّية الناشئة من التحميل ، فلا يستقل في قصد عنوان «التصرف أو إتلاف مال الغير». وكذلك المغرور ، فإنّه وإن كان مختارا في فعله ومستقلّا في أصل القصد ، ولكنه لجهله بالحال لا يقصد العنوان المزبور ، وإنّما مقصوده التصرف في مال نفسه ، وهو المبيع المنتقل إليه بالبيع.
وحيث تحققت الجهة المشتركة بين الإكراه والتغرير منعت من استقرار الضمان على المتلف لمال الغير.
هذا ما أفاده المحقق الأصفهاني قدسسره في وجه الشباهة بتوضيح وتصرف (١).
(١) أي : ما ذكرناه ـ من أدلة ضمان البائع الفضولي من قاعدتي الضرر والغرور وبعض الأخبار ، كخبر شاهد الزور إذا رجع عن شهادته ـ ثابت.
(٢) غرضه أنّ لنا دليلا آخر على الضمان مضافا إلى الأدلّة السابقة ، وهو ما قيل من دلالة رواية جميل المتقدمة في (ص ٥٢٠) على الضمان. لكن دلالتها على الضمان مبنيّة على كون حرّية الولد منفعة عرفا لوالده المشتري للجارية التي ولدته ، حتى يندرج في القسم الثاني ، وهو ما اغترمه المشتري للمالك في مقابل المنافع التي استوفاها من
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ج ١ ، ص ١٩٢ و ١٩٣.