وأمّا (١) حال بعضهم بالنسبة إلى بعض ، فلا ريب في أنّ اللّاحق إذا رجع عليه (٢) لا يرجع إلى السابق ما لم يكن السابق موجبا لإيقاعه في خطر الضمان. كما لا ريب في أنّ السابق إذا رجع عليه (٣) وكان غارّا للاحقه لم يرجع إليه ، إذ (٤) لا معنى لرجوعه عليه بما لو دفعه اللّاحق ضمنه (٥) له (٦).
______________________________________________________
حكم الأيادي المتعاقبة بعضها مع بعض
(١) هذه هي الجهة الرابعة الراجعة إلى حال بعض ذوي الأيدي ـ المستولية على المبيع فضولا ـ بالنسبة إلى البعض الآخر منهم ، وبه ينحلّ الإشكال المتقدم من : أنّه لو رجع المالك إلى البائع وطالبه ببدل ماله التالف بيد المشتري ، جاز للبائع الرجوع إلى المشتري.
ولأجل تحرير محل البحث نبّه المصنف على فرعين قبل حلّ الإشكال.
أحدهما : أنّه لا ريب في عدم رجوع الضامن اللاحق إلى الضامن السابق إذا رجع المالك على اللاحق وأخذ منه بدل ماله ، إلّا إذا كان السابق سببا لوقوعه في خطر الضمان ، كالبائع الفضول العالم بكونه غاصبا للمبيع ، فإنّه غرّ المشتري ، فإذا رجع المالك على المشتري ، وأخذ منه بدل ماله ، رجع المشتري إلى البائع ، لصدق الغرور.
ثانيهما : أنّه لا ريب في أنّ السابق ـ كالبائع ـ إذا رجع عليه المالك ، وأخذ منه بدل ماله ، وكان غارا للاحقه ـ وهو المشتري ـ لم يرجع إلى اللّاحق المغرور.
(٢) أي : على اللاحق ، وهذا إشارة إلى الفرع الأوّل.
(٣) أي : على السابق ، وهذا إشارة إلى الفرع الثاني.
(٤) تعليل لعدم رجوع السابق الغارّ ـ وهو البائع العالم بكونه غاصبا ـ إلى اللّاحق المغرور ، وحاصله : أنّه لا معنى لرجوع السابق إلى اللّاحق بمال لو دفعه اللّاحق كان السابق ضامنا له ، كما إذا كانت قيمة المبيع السوقية ثلاثين دينارا ، وكان الثمن المسمّى عشرين ، ورجع المالك إلى البائع وأخذ منه الثلاثين ، فليس له أن يأخذ ما زاد على العشرين ـ وهي العشرة ـ لأنّه بقاعدة الغرور ليس على المشتري ، بل على البائع الغارّ.
(٥) أي : ضمن السابق المال. وضميرا «للاحقه ، لرجوعه» راجعان إلى السابق.
(٦) هذا الضمير وضميرا «إليه ، عليه» راجعة إلى اللّاحق.