فيغرم (١) بدل الحيلولة ، أو يفرّق (٢) بين الأجرة المتعارفة للاسترداد ، وبين الزائد عليها ممّا يعدّ إجحافا على الغاصب الأوّل؟ وجوه (٣).
هذا (٤) كلّه مع عدم تغيّر العين. وأمّا إذا تغيّرت فيجيء صور كثيرة لا يناسب المقام التعرّض لها ، وإن كان كثير ممّا ذكرنا أيضا ممّا لا يناسب ذكره إلّا في
______________________________________________________
(١) يعني : فيغرم الغاصب الأوّل بدل الحيلولة. وهذا هو الاحتمال الثاني ، ووجهه : أنّ المخاطب بردّ العين هو الضامن. فإن تمكّن من الرّد فهو ، وإن عجز سقط عنه ، ووجب عليه بدل الحيلولة. فلا تكليف له بردّ العين حتى يجب عليه بذل الأجرة من باب المقدمة.
(٢) بأن يقال : بوجوب بذل الأجرة المتعارفة ، وبالانتقال إلى بدل الحيلولة لو طالبه المالك بأجرة مجحفة زائدة عن اجرة المثل. وهذا هو الاحتمال الثالث.
ووجه هذا التفصيل واضح ، لما تقدّم في الوجهين السابقين. فإن كانت الأجرة متعارفة فللمقدمية. وإن كانت مجحفة فلقاعدة نفي الضرر ، فإن أصل وجوب الردّ وإن كان ضرريا ، لكن قد يتأمّل في الأخذ بإطلاقه من جهة انصراف وجوب الردّ عمّا إذا استلزم بذل مال كثير غير متعارف.
الّا أن يتمسك في خصوص الغاصب بما روي من «أنه يؤخذ بأشق الأحوال» لكنه ممنوع سندا ودلالة ، وقد أشار إلى ذلك في بحث بدل الحيلولة ، فراجع (١).
(٣) مبتدء مؤخّر ، وخبره «فيه» مقدّرا المدلول عليه بقوله : «فهل يجب» والجملة بتمامها جواب الشرط في قوله : «ولو لم يقدر».
(٤) أي : ما ذكرناه ـ من رجوع المالك على الغاصب الأوّل ، وأخذ العين المغصوبة منه مع التمكن ، أو أخذ بدله بدون التمكن من أخذها وانتزاعها ممّن هي في يده ـ إنّما هو في صورة عدم تغيّر العين.
وأمّا إذا تغيرت ـ مع فرض بقائها ـ فتجيء فيه صور كثيرة مذكورة في كتاب الغصب ، كما إذا باع الفضول قماشا مملوكا لزيد ، وسلّمه للمشتري ، ففصّله ثوبا أو قباء ، وقد تغيّرت قيمته مخيطا عمّا كان عليه ، فهل يرجع المالك على الفضولي أم على المشتري
__________________
(١) هدى الطالب ، ج ٣ ، ص ٦٠٦ ـ ٦٠٧.