وكذلك آيات الولاية والإمامة شبهات وعلامات استفهام لا نشاهد مثيلها لدى تفسيرهم لسائر آيات القرآن الكريم ، وطبعاً فإنّ الغرض من طرح هذه الشبهات معلوم مسبقاً ، لأنهم إذا قبلوا بأن هذه الآيات واردة في فضائل الإمام علي وسائر الأئمّة عليهمالسلام فلا بدّ أن يقولوا بإمامتهم وخلافتهم بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، لأنه كما تقدّم سابقاً أن الإمامة لو كانت انتصابية من الله تعالى فإنه عزوجل لا يختار أيّ شخص لهذا المقام سوى الأفضل والأعلم والأشجع ، ولا يمكن أن يترك الأفضل ويختار المفضول فإنّ ذلك على خلاف مقتضى الحكمة الإلهية ، وإذا كانت الإمامة انتخابية فإنّ العقلاء ينبغي أن يختاروا لهذا المقام الأفضل من بين الأفراد ، ومع وجود الأفضل لا يصحّ أن يختاروا المفضول ، ولكن هذه الحقيقة تتقاطع مع أهواء البعض ومسبوقاتهم الفكرية ، ولذلك يتحركون في تفسيرهم لهذه الآيات من موقع التشكيك بهذه الفضائل أو السعي لتهميش هذه المناقب الواردة في هذه الآيات لئلّا يتورّطوا بعذاب الوجدان وتأنيب الضمير ، ومن هنا نستعرض بعض هذه الشبهات والذرائع التي تمسّكوا بها :
١ ـ سورة الإنسان مكّية
قالوا : إنّ سورة الدهر لم تنزل بالمدينة بل في مكّة ، ومن المعلوم أن الإمام الحسن والحسين عليهماالسلام قد ولدوا بعد الهجرة في السنة الثانية والثالثة من هجرة النبي إلى المدينة ، وعليه فإنّ زمان نزول هذه السورة كان قد سبق ولادة هذين السيّدين بعدّة سنين ، فما ذكر في شأن نزولها لا يتناسب مع كونها مكّية ، ولذلك ذهب البعض إلى أن شأن نزول هذه الآيات كالتالي :
«جاء رجل من الحبشة إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال له رسول الله : سل واستفهم ، فقال : يا رسول الله : فضلتم علينا بالألوان والصور والنبوّة ، أفلا رأيت إن آمنت بما آمنت به وعملت بمثل ما عملت به إني لكائن معك في الجنّة؟ قال : نعم والذي نفسي بيده انه ليُرى