وطبقاً لنظر ورأي من يعتقد بأن عليّ بن أبي طالب كان له من العمر عند ما أسلم عشر سنوات ولهذا فإنّ إيمانه غير معتبر وليس له قيمة ، فهذا يعني أن الإمام كان له من العمر في هذه الواقعة ثلاثة عشر سنة ، فلو لم تكن قيمة لإيمان عليّ بن أبي طالب في هذا السنّ إذن فلما ذا قال في حقّه النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله هذه العبارات الجذّابة واعتبره خليفة له؟!
إنّ من يشك في هذه الفضيلة فهو في الحقيقة يشك في اعتبار قول النبي صلىاللهعليهوآله وفعله ، ولو قيل أن مثل هذا الكلام يكون له اعتبار فيما لو كان الإمام له من العمر ثلاثة عشر سنة ، فيجب أن نقبل هذه الحقيقة وهي أن إيمان علي حتّى لو كان في سنّ العاشرة من العمر فهو ذو قيمة واعتبار.
الرابعة : ومضافاً إلى ما تقدّم لا نرى أن مسألة عدم بلوغ الإمام علي عليهالسلام في هذه الواقعة حقيقة مسلّمة وقطعية ، بل هناك اختلاف بين علماء الإسلام في هذه المسألة ، كما ذكر صاحب مستدرك الصحيحين مشيراً إلى هذا المطلب في الأبحاث السابقة ، ولا بأس باستعراض بعض نظرات وآراء علماء الإسلام في هذه المسألة :
الف : يقول ابن عبد البر في كتاب «الاستيعاب» المجلد ٢ ، الصفحة ٤٧١ :
أوّل من أسلم بعد خديجة عليّ بن أبي طالب وهو ابن خمس عشر سنة أو ستّ عشر سنة (١).
ب : ويذكر صاحب كتاب «اسد الغابة في معرفة الصحابة» في المجلد ٤ ، الصفحة ١٧ ثلاث نظريات في هذا المجال ، وطبقاً لإحدى هذه النظريات أن عمر الإمام في ذلك الوقت كان خمسة عشر سنة.
ج : ويتعرض العلّامة المجلسي أيضاً إلى هذه المسألة وينقل سبعة أقوال حولها (٢).
وعلى هذا الأساس فإنّ عدم بلوغ الإمام علي عليهالسلام حين تشرّفه بالإسلام لا يعتبر مسألة قطعية ومسلّمة بل هناك اختلاف في وجهات النظر بين علماء الإسلام.
__________________
(١) وقد ذكر في الاستيعاب ثمانية أقوال في عمر الإمام علي عند ما تشرّف بالإسلام ، والكلام المذكور أعلاه يشير إلى قولين من هذه الأقوال.
(٢) بحار الأنوار : ج ٣٨ ، ص ٧ و ٢٣٦.