التاسع : ما هو المراد من ضرب المثل؟
قد استعمل الذكر الحكيم كلاً من لفظي «المَثَل» و «المِثْل» في غير واحد من سوره وآياته حتى ناهز استعمالهما ثمانين مرة ، إلّا أنّ الثاني يزيد على الأوّل بواحد. والأمثال جمع لكليهما ويميّزان بالقرائن قال سبحانه : (إِنَّ الّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ الله عِبادٌ أَمْثالُكُمْ) (١). وهو في المقام ، جمع المِثْل لشهادة انّه يحكم على آلهتهم بأنّها مثلهم في الحاجة والإمكان.
وقال سبحانه : (تِلْكَ الأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنّاسِ لعلّهُمْ يَتفَكَّرُون) (٢)
فاقتران الأمثال بلفظ الضرب ، دليل على أنّه جمع مَثَل. إلّا أنّ المهم هو دراسة معنى «الضرب» في هذا المورد ونظائره ، فكثيراً ما يقارن لفظ المثل لفظ الضرب ، يقول سبحانه : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) (٣) وقال سبحانه : (وَلَقَدْضَرَبْنا للنّاسِ في هذا القُرآن مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرون). (٤)
وقد اختلفت كلمتهم في تفسير لفظ «الضرب» في هذا المقام ، بعد اتّفاقهم على أنّه في اللغة بمعنى إيقاع شيء على شيء ، ويتعدّى باليد أو بالعصى أو بغيرهما من آلات الضرب ، قال سبحانه : (أَنِ اضْرِب بِعَصاكَ الْحَجَر) (٥) وقد ذكروا وجوهاً :
الأوّل : انّ الضرب في هذه الموارد بمعنى المَثَل ، والمرا د هو التَمثيل ، وهو
__________________
(١) الأعراف : ١٩٤.
(٢) الحشر : ٢١.
(٣) إبراهيم : ٢٤.
(٤) الزمر : ٢٧.
(٥) الأعراف : ١٦٠.