تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَركَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ على شَيءٍ مِمّا كَسَبوا وَاللهُ لا يَهْدِي الْقومَ الكافِرِين) (١) هذه إلمامة خاطفة لملامح الأمثال القرآنية التي نزلت قبل الهجرة وبعدها ، وسيوافيك البحث في تلك الأمثال عند تفسير الآيات واحدة تلو الأُخرى.
الحادي عشر : استنكار الأمثال القرآنية
يظهر من بعض الآيات انّ بعض المخاطبين بالأمثال كانوا يستنكرونها ويستغربون منها ، وما ذلك إلا لأنّ المثل كان يكشف عن نواياهم ويبيّن واقع عقيدتهم ، ويسفِّه أحلامهم ، فيبعث فيهم القلق والاضطراب ، ذلك عندما يجمع سبحانه في أمثاله تارة بين الذباب والعنكبوت والبعوضة ـ كما مرّ ـ وأُخرى بين الكلب والحمار :
كقوله سبحانه :
(فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الكَلْب انْ تَحْمِل عَلَيهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَث) (٢)
(مَثَلُ الَّذِينَ حُمّلُوا التَّوراة ثمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً) (٣)
وقد نقل سبحانه استنكارهم ، وقال : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوقَها فَأَمّا الّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ماذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلّ بِهِ كَثيراً وَيَهْدي بِهِ كَثيراً وَما يُضِلُّ بِهِ إِلا
__________________
(١) البقرة : ٢٦٤.
(٢) الأعراف : ١٧٦.
(٣) الجمعة : ٥.