السادس عشر : أمثال لقمان الحكيم
اختلفت الأقوال في شخصية لقمان الحكيم ، روى ابن عمر ، قال : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يقول : «لم يكن لقمان نبيّاً ، ولكن كان عبداً كثير التفكّر حسن اليقين ، أحبّ الله فأحبّه ومنّ عليه بالحكمة». (١)
وقد بلغ سمو كلامه إلى حد نقل سبحانه تعالى شيئاً من حكمه في القرآن الكريم ، وأنزل سورة باسمه ، كما قام غير واحد من العلماء بجمع حكمه المبثوثة في الكتب.
وقد قام أمين الإسلام الطبرسي بنقل شيء من حكمه في تفسيره ، وقد وصفه الإمام الصادق عليهالسلام بقوله : «والله ما أُوتي لقمان الحكمة لحسب ولا مال ولا بسط في جسم ولا جمال ، ولكنّه كان رجلاً قويّاً في أمر الله ، متورّعاً في الله ساكتاً سكيناً ، عميق النظر ، طويل التفكّر ، حديد البصر ، لم ينم نهاراً قط ، ولم يتكئ في مجلس قوم قط ، ولم يتفل في مجلس قوم قط ، ولم يعبث بشيء قط ، ولم يره أحد من الناس على بول ولا غائط قط ، ولا على اغتسال لشدّة تستره وتحفّظه في أمره ، ولم يضحك من شيء قط ، ولم يغضب قط مخافة الإثم في دينه ، ولم يمازح إنساناً قط ، ولم يفرح بما أوتيه من الدنيا ، ولا حزن منها على شيء قط ، ... ولم يمرّ بين رجلين يقتتلان أو يختصمان إلّا أصلح بينهما ، ولم يمض عنهما حتى تحاجزا ، ولم يسمع قولاً استحسنه من أحد قط ، إلّا سأله عن تفسيره وعمّن أخذه ، وكان يكثر مجالسة الفقهاء والعلماء ، وكان يغشى القضاة والملوك والسلاطين ، فيرثي للقضاة بما ابتلوا به ، ويرحم الملوك والسلاطين لعزتهم بالله وطمأنينتهم في ذلك ، ويتعلّم ما يغلب به
__________________
(١) مجمع البيان : ٤ / ٣١٥.