سورة البقرة ٣ |
|
التمثيل الثالث
قال سبحانه : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمّا الّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمّا الّذينَ كَفَروا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَما يُضِلُ بِهِ إِلّاالْفاسِقِينَ* الَّذينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرضِ أُولئِكَ هُمُ الخاسِرُون) (١)
تفسير الآيات
الحياء تغيّر وانكسار يعتري الإنسان من تخوّف مايعاب به ويُذمّ ، يقال : فلان يستحي أن يفعل كذا ، أي أنّ نفسه تنقبض عن فعله.
فعلى هذا فالحياء من مقولة الانفعال ، فكيف يمكن نسبته إلى الله سبحانه مع أنّه لا يجوز عليه التغيّر والخوف والذم؟
الجواب : انّ اسناد الحياء كاسناد الغضب والرضا إلى الله سبحانه ، فانّها جميعاً تسند إلى الله سبحانه متجردة عن آثار المادة ، ويؤخذ بنتائجها ، وقد اشتهر قولهم : «خذوا الغايات واتركوا المبادئ» فالحياء يصد الإنسان عن إبراز ما يضمره
__________________
(١) البقرة : ٢٦ ـ ٢٧.