الشروع فيما أردته ، والإتيان بما قصدته ، ناويا أن أسميه «بأنوار التنزيل وأسرار التأويل ...» (١).
ويقول في آخر الكتاب (٢) ما نصه : «وقد اتفق إتمام تعليق سواد هذا الكتاب المنطوي على فوائد ذوي الألباب ، المشتمل على خلاصة أقوال أكابر الأئمة ، وصفوة آراء أعلام الأمة ، في تفسير القرآن وتحقيق معانيه ، والكشف عن عويصات ألفاظه ومعجزات مبانيه ، مع الإيجاز الخالي عن الإخلال ، والتلخيص العاري عن الإضلال ، المرسوم «بأنوار التنزيل وأسرار التأويل ...».
وكأني به في هذه الجملة الأخيرة ، يشير إلى أنه اختصر من تفسير «الكشاف» ولخص منه ، ضمن ما اختصره ولخصه من كتب التفسير الأخرى ، غير أنه ترك ما فيه من نزعات الضلال ، وشطحات الاعتزال.
تقريظ هذا التفسير :
١ ـ قول الإمام السيوطي في هذا التفسير :
ويقول الجلال السيوطي ـ رحمهالله ـ في حاشيته على هذا التفسير المسماة ب «نواهد الأبكار وشوارد الأفكار» ما نصه :
«وإن القاضي ناصر الدين البيضاوي لخّص هذا الكتاب فأجاد ، وأتى بكل مستجاد ، وماز فيه أماكن الاعتزال ، وطرح موضع الدسائس وأزال ، وحرر مهمات ، واستدرك تتمات ، فظهر كأنه سبيكة نضار ، واشتهر اشتهار الشمس في رائعة النهار ، وعكف عليه العاكفون ، ولهج بذكر محاسنه الواصفون ، وذاق طعم دقائقه العارفون ، فأكبّ عليه العلماء تدريسا ومطالعة ، وبادروا إلى تلقيه بالقبول رغبة فيه ومسارعة» (٣).
٢ ـ ويقول صاحب «كشف الظنون» (٤) ما نصه :
وتفسيره هذا ـ يريد تفسير البيضاوي ـ كتاب عظيم الشأن ، غني عن البيان ، لخص فيه من «الكشاف» ما يتعلق بالإعراب والمعاني والبيان ، ومن «التفسير الكبير» ما يتعلق بالحكمة والكلام ، ومن «تفسير الراغب» ما يتعلق بالاشتقاق وغوامض الحقائق ولطائف الإشارات.
وضم إليه ما روى زناد فكره من الوجوه المعقولة ، فجلا رين الشك عن السريرة ، وزاد في العلم بسطة وبصيرة ، كما قال مولانا المنشي :
أولوا الألباب لم يأتوا |
|
بكشف قناع ما يتلى |
ولكن كان للقاضي |
|
يد بيضاء لا تبلى |
ولكونه متبحرا جال في ميدان فرساون الكلام ، فأظهر مهارته في العلوم حسبما يليق بالمقام. كشف القناع تارة عن وجوه محاسن الإشارة ، وملح الاستعارة ، وهتك الأستار أخرى عن أسرار المعقولات بيد الحكمة ولسانها ، وترجمان المناطقة وميزانها ، فحل ما أشكل على الأنام ، وذلّل لهم صعاب المرام ، وأورد في المباحث الدقيقة ما يؤمن به عن الشبه المضلة وأوضح لهم مناهج الأدلة.
والذي ذكره من وجوه التفسير ثانيا أو ثالثا أو رابعا بلفظ قيل ، فهو ضعيف ضعف المرجوح أو ضعف المردود.
__________________
(١) انظر مقدمة الجزء الأول.
(٢) من الجزء الخامس.
(٣) «المدخل المنير» للشيخ مخلوف الصفحة (٤١).
(٤) «كشف الظنون» لحاجي خليفة الصفحة (١٨٧).