(أَنَّى شِئْتُمْ) من أي جهة شئتم ، روي (أن اليهود كانوا يقولون : من جامع امرأته من دبرها في قبلها كان ولدها أحول ، فذكر ذلك لرسول الله صلىاللهعليهوسلم فنزلت). (وَقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ) ما يدخر لكم من الثواب. وقيل هو طلب الولد. وقيل التسمية عند الوطء. (وَاتَّقُوا اللهَ) بالاجتناب عن معاصيه. (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ) فتزودوا ما لا تفتضحون به. (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) الكاملين في الإيمان بالكرامة والنعيم الدائم. أمر الرسولصلىاللهعليهوسلم أن ينصحهم ويبشر من صدقه وامتثل أمره منهم.
(وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(٢٢٤)
(وَلا تَجْعَلُوا اللهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ) نزلت في الصديق رضي الله تعالى عنه لما حلف أن لا ينفق على مسطح لافترائه على عائشة رضي الله تعالى عنها ، أو في عبد الله بن رواحة حلف أن لا يكلم ختنه بشير بن النعمان ولا يصلح بينه وبين أخته. والعرضة فعلة بمعنى المفعول كالقبضة تطلق لما يعرض دون الشيء وللمعرض للأمر ، ومعنى الآية على الأول ولا تجعلوا الله حاجزا لما حلفتم عليه من أنواع الخير ، فيكون المراد بالإيمان الأمور المحلوف عليها ، كقوله عليه الصلاة والسلام لابن سمرة «إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها ، فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك». وأن مع صلتها عطف بيان لها ، واللام صلة عرضة لما فيها من معنى الاعتراض ، ويجوز أن تكون للتعليل ويتعلق أن بالفعل أو بعرضة أي ولا تجعلوا الله عرضة لأن تبروا لأجل إيمانكم به ، وعلى الثاني ولا تجعلوه معرضا لأيمانكم فتبتذلوه بكثرة الحلف به ، ولذلك ذم الحلاف بقوله : (وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ) و (أَنْ تَبَرُّوا) علة للنهي أي أنهاكم عنه إرادة بركم وتقواكم وإصلاحكم بين الناس ، فإن الحلّاف مجترئ على الله تعالى ، والمجترئ عليه لا يكون برا متقيا ولا موثوقا به في إصلاح ذات البين (وَاللهُ سَمِيعٌ) لأيمانكم. (عَلِيمٌ) بنياتكم.
(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ)(٢٢٥)
(لا يُؤاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمانِكُمْ) اللغو الساقط الذي لا يعتد به من كلام وغيره ، ولغو اليمين مالا عقد معه كما سبق به اللسان ، أو تكلم به جاهلا لمعناه كقول العرب : لا والله وبلى والله ، لمجرد التأكيد لقوله : (وَلكِنْ يُؤاخِذُكُمْ بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ) والمعنى لا يؤاخذكم الله بعقوبة ولا كفارة بما لا قصد معه ، ولكن يؤاخذكم بهما أو بأحدهما بما قصدتم من الأيمان وواطأت فيها قلوبكم ألسنتكم. وقال أبو حنيفة : اللغو أن يحلف الرجل بناء على ظنه الكاذب ، والمعنى لا يعاقبكم بما أخطأتم فيه من الأيمان ، ولكن يعاقبكم بما تعمدتم الكذب فيه. (وَاللهُ غَفُورٌ) حيث لم يؤاخذ باللغو (حَلِيمٌ) حيث لم يعجل بالمؤاخذة على يمين الجد تربصا للتوبة.
(لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فاؤُ فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٢٦) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)(٢٢٧)
(لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ) أي يحلفون على أن لا يجامعوهن. والإيلاء : الحلف ، وتعديته بعلى ولكن لما ضمن هذا القسم معنى البعد عدي بمن. (تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ) مبتدأ وما قبله خبره ، أو فاعل الظرف على خلاف سبق ، والتربص الانتظار والتوقف أضيف إلى الظرف على الاتساع ، أي للمولي حق التلبث في هذه المدة فلا يطالب بفيء ، ولا طلاق ، ولذلك قال الشافعي : لا إيلاء إلا في أكثر من أربعة أشهر ويؤيده (فَإِنْ فاؤُ) رجعوا في اليمين بالحنث ، (فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) للمولى إثم حنثه إذا كفر ، أو ما توخى بالإيلاء من