(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) واتركوا بقايا ما شرطتم على الناس من الربا. (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) بقلوبكم فإن دليله امتثال ما أمرتم به. روي : أنه كان لثقيف مال على بعض قريش ، فطالبوهم عند المحل بالمال والربا. فنزلت.
(فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) أي فاعلموا بها ، من أذن بالشيء إذا علم به ، وقرأ حمزة وعاصم في رواية ابن عياش «فآذنوا» أي فاعلموا بها غيركم ، من الأذن وهو الاستماع فإنه من طرق العلم ، وتنكير حرب للتعظيم وذلك يقتضي أن يقاتل المربي بعد الاستتابة حتى يفيء إلى أمر الله ، كالباغي ولا يقتضي كفره. روي : أنها لما نزلت قالت ثقيف لا يدي لنا بحرب الله ورسوله. (وَإِنْ تُبْتُمْ) من الارتباء واعتقاد حله. (فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ) بأخذ الزيادة. (وَلا تُظْلَمُونَ) بالمطل والنقصان ، ويفهم منه أنهم إن لم يتوبوا فليس لهم رأس مالهم وهو سديد على ما قلناه ، إذ المصر على التحليل مرتد وماله فيء :
(وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(٢٨٠)
(وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ) وإن وقع غريم ذو عسرة. وقرئ «ذا عسرة» أي وإن كان الغريم ذا عسرة. (فَنَظِرَةٌ) فالحكم نظرة ، أو فعليكم نظرة ، أو فليكن نظرة وهي الإنظار. وقرئ «فناظره» على الخبر أي فالمستحق ناظره بمعنى منتظره ، أو صاحب نظرته على طريق النسب وفناظره على الأمر أي فسامحه بالنظرة. (إِلى مَيْسَرَةٍ) يسار ، وقرأ نافع وحمزة بضم السين ، وهما لغتان كمشرقة ومشرقة. وقرئ بهما مضافين بحذف التاء عند الإضافة كقوله : وأخلفوك وعد الأمر الذي وعدوا. (وَأَنْ تَصَدَّقُوا) بالإبراء. وقرأ عاصم بتخفيف الصاد. (خَيْرٌ لَكُمْ) أكثر ثوابا من الإنظار ، أو خير مما تأخذون لمضاعفة ثوابه ودوامه. وقيل :المراد بالتصدق الإنظار
لقوله عليه الصلاة والسلام ، «لا يحل دين رجل مسلم فيؤخره إلا كان له بكل يوم صدقة» (إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ما فيه من الذكر الجميل الجزيل.
(وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ)(٢٨١)
(وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) يوم القيامة ، أو يوم الموت فتأهبوا لمصيركم إليه. وقرأ أبو عمرو ويعقوب بفتح التاء وكسر الجيم. (ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ) جزاء ما عملت من خير أو شر (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) بنقص ثواب وتضعيف عقاب. وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما(أنها آخر آية نزل بها جبريل عليهالسلام وقال ضعها في رأس المائتين والثمانين من البقرة) وعاش رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعدها أحدا وعشرين يوما وقيل أحدا وثمانين يوما. وقيل سبعة أيام وقيل ثلاثة ساعات.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلاَّ تَرْتابُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوها وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)(٢٨٢).