إنّ الدين إذا لم يكن مع عوض وربح كان قرضاً حسناً والّا عُدَّ رباً وحراماً. وقد جاء في الروايات أنَّ الصدقة والبذل من دون عوض اجرها عشرة اضعاف ، أمّا إلاقراض أو الصدقة مع العوض فاجره ثمانية عشر ضعف ، (١) وسبب ذلك واضح من حيث أنَّ المقترضين محتاجون حقاً ، وهم ذوى اعتبار وماء وجه.
وعلى هذا ، فإنَّ شيئين يتوخى من القرض هما : أولاً ـ رفع حاجة المحتاجين. ثانياً ـ الحفاظ على حيثية واعتبار المحتاج.
وعلى أساس الآية الشريفة : (مَنْ جَاءَ بالحَسَنةِ فَلَهُ عَشْرُ أمْثَالِهَا) (٢) فإنّ كلاً منها له عشر حسنات والمجموع هو عشرون ، ولكن باعتبار انّ القرض يسترجع بعد فترة من الزمن فتنقص منه حسنتان ليكون المجموع ثمانية عشر.
الشرح والتفسير
(الّذينَ يأكُلُونَ الرِّبَا ...) أي أنَّ آكلي الربا سيبتلون يوم المحشر بعدم التعادل والتوازن في المشي ويبدون كأنهم مصروعون أو مجانين.
(ذَلك بِأنَّهُمْ قَالُوا إنَّمَا البَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا) إنّ سبب ابتلاء هؤلاء بهذا المصير هو أنَّهم إضافة إلى اكلهم الربا كانوا يسعون في تبرير عملهم بالقول : إنَّ البيع مثل الربا ، كما الاول حلال كذلك الثاني.
(أحَلَّ اللهُ البيعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) حلية البيع والمعاملة لأجل وجود مصلحة في ذلك عكس الربا ، ففيه مفسدة اضافة إلى أنه يفقد المصلحة. ففي المعاملة تارة يكون ربح واخرى يكون
__________________
(١) عن رسول الله صلىاللهعليهوآله انه قال : ((رأيت مكتوباً على باب الجنة (الصدقة بعشرة والقرض بثمانية عشر) فقلت : يا جبرئيل وَلِمَ ذلك والذي يتصدق لا يريد الرجوع والذي يقرض يعطي لان يرجعه؟ فقال : نعم ، هو كذلك ولكن ما كل ما يأخذ الصدقة له بها حاجة والذي يستقرض لا يكون الا عن حاجة فالصدقة قد تصل إلى غير المستحق والقرض لا يصل إلّا إلى المستحق ، ولذا صار القرض افضل من الصدقة)).
مستدرك الوسائل ١٣ : ٣٩٥ ، ابواب الدين والقرض الباب ٦ الحديث ٣.
(٢) الأنعام الآية ١٦٠.