الجواب : ان المثل يعني تشبيه الحقائق العقلية بالامور الحسية الملموسة. فمن جانب هناك أمور عقلية كثيرة لا يفهمها اكثر الناس. ومن جانب آخر ، فإن الناس اعتادوا على المحسوسات والعينات الملموسة ، ولهذا كان المثل (عقول الناس في عيونهم) وهو يعني ان ادراك الناس للامور الملموسة والمرئية اسهل لهم. ومن هنا طرح القرآن بعض المفاهيم العقلية الرفيعة في قالب الامثال ليسهل على الناس ادراكها. وعلى هذا ؛ فان فلسفة امثال القرآن هو تنزيل القضايا العميقة والرفيعة إلى مستوى يتناسب مع أفق تفكير الناس.
الأمثال العملية واللسانية
ينبغي الالتفات هنا إلى نقطة وهي ان بعض الامثال عملية وتبين بلسان العمل ، وبعضها لفظية تبين باللسان والقول.
ان أمثال القرآن هي من النوع الثاني ، الا انه يشاهد بعضاً ما في سيرة الرسول صلىاللهعليهوآله واهل بيته الاطهار عليهمالسلام امثال عملية ، وهي بالطبع ذات تأثير اكثر ، (١) نأتي هنا بنموذجين من ذلك.
١ ـ عند ما تتراكم الذنوب الصغيرة
إنَّ رسول الله صلىاللهعليهوآله نزل بارض قرعاء فقال لاصحابه : «ائتونا بحطب» ـ قد هدف الرسول من ذلك شيئاً غير الاعداد للنار ـ فقالوا : يا رسول الله نحن بارض قرعاء ما بها من حطب. قال : «فليأت كل انسان بما قدر عليه» ، فجاؤوابه حتّى رموا بين يديه بعضه على بعض.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «هكذا تجتمع الذنوب» ثم قال : «اياكم والمحقرات من الذنوب فان لكل شيء طالباً الا وان طالبها يكتب ما قدموا وآثارهم. وكل شيء احصيناه في امام مبين». (٢)
نعم ان الذنوب الصغيرة قد تتراكم لتبلغ مستوى الجبل ارتفاعاً ، وكثافة جبلٍ من النار. ان خطر الذنوب الصغيرة هو عدم الإنتباه إليها واتخاذ موقف اللامبالاة تجاهها ، فذكَّر الرسول صلىاللهعليهوآله بخطرها بهذا المثل العملي.
__________________
(١) لقد أثرنا بعض الأمثال اللفظية عن الرسول صلىاللهعليهوآله والأئمة عليهمالسلام ، راجع ميزان الحكمة الروايات ١٨١٠٦ إلى ١٨٢٣٦.
(٢) ميزان الحكمة ، الباب ١٣٧٢ ، الحديث ٦٥٩٣.