تعني ريحاً شديد البرد ، أو ريحاً شديد الصوت. (١)
على أي حال ، المراد من هذه الكلمة هو الريح الشديد الذي يحرق حتى بعض الغابات الكبرى أحياناً.
وسبب هذا الحريق ـ كما نسمع من المختصين ـ هو الصواعق والرعد والبرق ، وقد يكون هناك إعصار شديد تحتك بسببه بعض الاشجار اليابسة ـ التي تدّخر في نفسها طاقة ـ فتتولد قدحة تشعل النار ، فيحصل الحريق. وعلى هذا ، فإنَّ مثل انفاق الكفّار كمثل المزرعة التي تواجه ريحاً شديدة تُضرم النار فيها.
(وَمَا ظَلَمَهُمُ اللهُ ولكِنْ أنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) وذلك لأنّ ما يترتب على فعلهم لم يكن ظلماً من الله بل كان ذلك كله بسبب سوء نواياهم وعدم صدقها.
إنَّ المزارع الذي يتعمّد الزرع في أراضٍ تقع في مسير الرياح الشديدة والباردة ، إذا تلفت زراعته إثر هبوب الرياح فذلك ظلم أورده بنفسه على نفسه.
خطابات الآية
١ ـ المراد من الإنفاق في آية المثل
أي نوع من الانفاق شُبِّه بالريح الصر في الآية الشريفة؟ إنّ في ذلك احتمالات ثلاثة نشير إليها هنا.
الف ـ المراد منه الانفاق الذي يُصرف في غير سبيل الله ، مثل الانفاق والبذل الذي كان يصدر من أبي سفيان الكافر والمنافق ـ فهو لم يُسلم قلبياً وضلّ كافراً إلى آخر عمره ـ في سبيل عظمة الأصنام ولأجل إسقاط الإسلام.
إنَّ القرآن المجيد يقول : إنّ إنفاقاً من هذا القبيل مثل الأرض التي تعدُّ للزراعة ، ودوافع هؤلاء المنفقين ـ وهي الشرك وعبادة الأصنام ـ مثل الريح الصر.
__________________
(١) الصر من نفس المادة وتعني الضجة ، ومفردة (الصُرّة) التي من نفس المادة كذلك تعني الكيس الذي أغلقت فوهته بشدة. وعلى هذا ، فإنَّ الشدة متضمنة في جميع معاني هذه المادة ومشتقاتها ، الريح الشديد والصوت الشديد والكيس الذي أغلقت فوهته بشدة.