نال الرسول صلىاللهعليهوآله هذه النعمة الإلهيّة العظمى دون أن يطلبها من الله : (ألَمْ نَشْرَح لك صَدْرَكَ) (١)
ما معنى شرح الصدر باقتضاب؟
لا يعني الصدر ذلك القسم العلوي من البدن ، بل يعني الروح والفكر. وعلى هذا ، فشرح الصدر يعني الروح المنفتحة والفكر المنفتح ، أي منشرح الصدر هو صاحب الفكر العميق والصبر والتأني الفكري والروحي بحيث لا يتزلزل أمام أبسط الحوادث أو أشدها. ولهذا كان شرح الصدر أحد أهم مستلزمات الترقي والتعالي نحو الله تعالى.
الرسول صلىاللهعليهوآله وجاره اليهودي
كان للرسول صلىاللهعليهوآله جار يهودي يلقي فضلات بيته وجمر ناره على الرسول عند مروره من بيته ، وكان يمارس هذا العمل يومياً ، وفي يوم مرّ الرسول من بيت اليهودي ولم يواجه الظاهرة اليومية التي كانت تصدر من اليهودي ، فسأل الرسول أصحابه؟ فأجابوه بأنه مريض ، فذهب الرسول لعيادته ، وطرق الباب وكانت إمرأته خلف الباب فسالته عمّا يريد فأجابها أن الهدف هو العيادة ففتحت له الباب ، وكان سلام الرسول صلىاللهعليهوآله وتحياته لليهودي تبدو وكأنَّ اليهودي لم يكن من المؤذين للرسول يومياً.
عند ما شاهد اليهودي هذه المعاملة من الرسول سأله عمّا إذا كانت هذه الاخلاق من صلب الدين الذي يدعو له؟ فاجابه بالايجاب.
ونجد الكثير من هذه النماذج في سيرة الرسل والأئمة وعلماء الدين.
على سبيل المثال ، كتب شخص في شيراز رسالة إلى أحد علماء تلك المدينة يهجره ويشهّر به فيها ، فيرى العالم ذلك الشخص الكاتب في الغد ويقول له : (لقد رميت الرسالة التي كتبتها لي (٢) يبدو أنك تعاني من مشكلة مالية ، فخذ هذا المبلغ لعلَّ مشاكلك تُحل به).
__________________
(١) سورة الشرح الآية ١. وقد جاء نفس المضمون في الآية ١٠٦ من سورة النحل وكذا الآية ٢٢ من سورة الزمر.
(٢) كان في كلامه تورية ، لأنّه رماها خلف الكتب بعد أن قرأها ، أمّا الكاتب فتصوّر أنه لم يقرأها.