يكون معتقداً بالأصلين المهمين ، الأول : هو المبدأ أو التوحيد والثاني : هو المعاد أو رجوع الإنسان إلى الله.
إنّ الإعتقاد بالله يعلِّم الإنسان أنَّ الله يراقبه في كل زمان ومكان (وَهُوَ مَعَكُمْ أيْنَمَا كُنْتُمْ) (١) والاعتقاد بالمعاد يعلِّم الإنسان أنَّ الله لا يخفى عليه شيء وهو عالم بأعمال الإنسان جميعاً (عَلِيْمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ) ، (٢) «يَعْلَمُ خَائِنَةَ الأعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورَ». (٣)
وحسب ما جاء في الآيات ، يُدرس سجل الإنسان يوم القيامة في محكمة العدل الإلهي ، وهي محكمة لا يمكن إغواء القاضي فيها كما لا يمكن انكار شهودها ، فقد جاء في الآية الشريفة :
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّة خَيْراً يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرّةٍ شَرَّاً يَرَه) ، (٤) كما جاء في الآية الشريفة التالية : (لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرةً إلّا أحصَيها) (٥) فالإنسان مسؤول على جميع أعماله ولو كانت صغيرة جداً.
إنّ الإلتفات إلى الاصلين يجعلان من الإنسان أن يعتبر الله ناظراً على أعماله ، الأمر الذي يحول دون ارتكابه المعصية. كما أنّ الغفلة عن ذلك يترك للشيطان فجوة ينفذ من خلالها ، كما قالت ذلك الآية الكريمة : (وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانَاً فَهُوَ لَهُ قَرِيْنٌ) (٦)
المعاد الجسماني والمعاد الروحاني
المعاد من وجهة نظر القرآن جسماني وروحاني ، أي أنَّ جسم الإنسان يحشر يوم القيامة كما تحشر روحه. وبعبارة أُخرى : أنَّ روح الإنسان تكون مشمولة لنعم الله ونقمه ، كما هو الحال بالنسبة إلى جسمه ، وذلك هو مقتضى العدل الالهي ، فكما أنَّ الإنسان بجسمه وروحه عمل خيراً أو شراً ، ففي القيامة ينبغي أن ينال كلٌّ من الروح والجسم نصيبه وجزاءه من العمل
__________________
(١) سورة الحديد الآية ٤ ، وقد تناولت الآية ٧ من سورة المجادلة نفس المضمون.
(٢) لقد جاءت هذه العبارة في آيات كثيرة من القرآن منها الآية ١١٩ من سورة آل عمران.
(٣) غافر الآية ١٩.
(٤) الزلزلة الآية ٧ و ٨.
(٥) الكهف الآية ٤٩.
(٦) الزخرف الآية ٣٦.