فواكه مختلفة من ماء وهواء وتراب واحد
كما قلنا سابقاً : إنَّ التعود من حجب المعرفة الإنسانية ، فالإنسان عند ما يتعوّد على شيء سوف لا يفكر في ماهيته وسبر غوره ، وهذا حجاب عظيم. ومن هنا كان إنبات النباتات المتنوعة وإثمار الاشجار المتنوّعة من عجائب الطبيعة. فإنَّ هذا من مظاهر قدرة الله تعالى حيث تنبت من تراب وماء وهواء واحد ثمار وزهور متنوّعة بألوان مختلفة وطعم متفاوت.
وهذا يدعو الإنسان أن لا يتعجّب من إحياء الإنسان يوم القيامة.
لقد خلق من هذه الارض الواحدة أصناف عديدة من البشر منهم الصالحون والأنبياء والائمّة والشهداء ، ومنهم الفجرة والوضيعون مثل الفراعنة والنماردة ومعاوية وصدام و...
فكل هؤلاء مبعوثون من هذه الأرض الواحدة. إنَّ الإنسان من خلال مشاهدته لهذه الظواهر يرى لقطات من المعاد وتتكرّر عنده هذه اللقطات كل يوم إلى حين الممات. والعجيب أنَّ السماء تمطر في يوم البعث ، وذلك المطر يحيي من في القبور جميعاً. (١)
القانون الكلي الذي يستفاد من الآية الشريفة هو أنَّ مبادىء الموت والحياة واحدة في جميع المخلوقات الحية ، فكما أنَّ هناك حياة بعد ممات في النباتات كذلك بالنسبة إلى الإنسان.
سؤال : في عالم النبات نتمكن من إعادة حياة نبات ما من خلال زرع بذوره ، اما في عالم الإنسان فالأمر يختلف من حيث انه إذا مات يتبدل إلى تراب ، فكيف يمكن إعادته من تراب؟
الجواب : إنّ الحياة الثانية للنبات ليست من خلال البذور دائماً ، بل قد تكون حياة وموت النبات شبيهة بحياة الإنسان وموته ، فقد تصفرّ أوراق الاشجار في الخريف وتسقط ، وبعد مدة تصبح تراباً تمتصها جذور الشجرة لترجع ورقة من جديد وهذا ما يحصل في الربيع ، وبهذا تحيى الورقة الميتة مرة أخرى رغم أنّها ماتت بالكامل وتبدلت إلى تراب ، فالانسان كذلك يموت بالكامل ويُبعث مرة أُخرى.
وعلى هذا ، فالإنسان يرى ـ كل عام ـ المعاد بعينه ، لكنه يغفل عن أنَّ الله القادر على إحياء النبات بعد موته قادر على إحياء الإنسان الميت.
__________________
(١) بحار الانوار ٦ : ٣٢٩ ، الحديث ١٣ وكذا ٧ : ٣٩.