(والَّذي خَبُثَ لا يَخْرِجُ إلَّا نَكِداً) فإنَّ الأرض غير المناسبة لا تنبت إلّا النكد. والنكد يعني الإنسان البخيل ، ويُطلق على النباتات غير المفيدة التي تنمو في الأراضي المالحة. فكما أنَّ البخيل لا يصل نفعه إلى غيره ، كذلك الأراضي المالحة لا يخرج منها الشيء المفيد ولا ينتفع بها أحد.
(كَذَلك نُصَرِّفُ الآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ) أي أنا نبيّن آيات الله للناس بعبارات وأمثله بسيطة ليستفيدوا منها ويشكروا ربّهم عليها. وعلى هذا ، فلا اشكال على وابل الرحمة الإلهيّة ولا على الوحي السماوي ؛ وذلك لأنَّ هذين الرحمتين تنزلان على القلوب كلها بشكل متساوٍ ، واذا كان هناك قصور أو تقصير فمن نفس القلوب والأراضي ذاتها ، فإنَّ بعض الأراضي غير مستعدة وغير مؤهّلة لنمّو النباتات فتنمو فيها الأشواك والأدغال فحسب ، كذلك بعض القلوب فإنَّها غير مؤهلة للهداية وترى نفسها في غنى عن الوحي الإلهي.
لِمَن هذا المثل؟
هناك بحث في هذا المجال بين المفسرين ، فالكثير منهم يعتقد أنَّ الآية جاءت في الكفار والمؤمنين ، أي شُبِّه الوحي الإلهي هنا بالغيث ، باعتباره ينزل على جميع القلوب ، لكن لا يفيد منه إلّا ذلك البعض الذي يكون مصداقاً للبلد الطيّب ، أي يحضى بقلب طاهر ، وتكون ثمار هذه الاراضي الطاهرة هي الاخلاق الحسنة والايمان القوي والشوق إلى أولياء الله ، والاخلاص في العمل ، والعمل بما تستدعيه الوظيفة و... وفي مقابل هؤلاء هم الكفّار الذين قلوبهم تشبه الأراضي الملوّثة التي لا تستفيد من المطر شيئاً.
خطابات الآية
١ ـ فاعلية الفاعل وقابلية القابل كلاهما ضروريان
إنَّ الآية الشريفة وكذا آيات أخرى تشير إلى مطلب مهم ، وهو : ضرورة توافر شيئين لبلوغ الكمال :
الف ـ فاعلية الفاعل.
باء ـ قابلية القابل.