لأجل بلوغ الكمال والرقي ينبغي توافر العوامل كما ينبغي توفير الأرضية. وعلى هذا ، ففاعلية الفاعل (الغيث) ليس كافياً ، بل ينبغي أنْ يَكُون القابل قابلاً (استعداد الأرض وشأنها) فإنَّ المطر لو هطل مدة مأة عام على الأرض المالحة لما أنبتت هذه الأرض ولا زهرة واحدة.
إنَّ الرسول صلىاللهعليهوآله كما دعى سلمان وأبا ذر والمسلمين الآخرين للإسلام كذلك دعى أبا جهل وأبا لهب وباقي الكفار ، فالقلب الطاهر لسلمان أنبت الإيمان ، لكنّ الدعوة لم تنبت في قلوب أبي جهل وأبي لهب إلَّا البخل والبغض.
٢ ـ مردودات القرآن والوحي على الكافر عكسية
آيات القرآن في بعض الأحيان لا أنها لا تكون هادية فحسب ، بل قد تكون ضالة لأولئك الذين ساءت طينتهم من الكفار ، فإنّهم بسماعهم للآيات يزدادون ضلالة.
إنّ هذا الأمر بيّنته آيات من القرآن ، منها الآية ١٢٤ و ١٢٥ من سورة التوبة : (وإذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَنْ يَقُولُ أيُّكُم زَادَتْهُ هذِهِ إيمَاناً فأمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فزَادَتْهُم إيْمَاناً وَهُم يَسْتَبْشِرُونَ وأمَّا الّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُم رِجْسًاً إلى رِجْسِهِم وَمَاتُوا وَهُم كَافِرُونَ)
سؤال : كيف يمكن للآيات القرآنية المنيرة أن تكون سبباً لضلال البعض؟
الجواب : أنّ القرآن المجيد بمثابة المصباح الذي اذا وقع بيد أحد العلماء أفاد منه لأجل العلم والاكتشاف والاختراع والتقدّم ، وهو بذاته اذا وقع بيد لصّ أفاد منه لأجل سرقة أشياءٍ ثمينة ، وبذلك تزداد ذنوبه وآثامه.
الإشكال هنا ليس من المصباح ذاته ، بل من قابلية القابل ، كذا الحال بالنسبة للغيث حيث إنتاجه يتوقف على نوعية الأرض ، فاذا كانت جيدة نبتت فيها الزهور والنباتات الصالحة واذا كانت مالحة وغير مؤهلة نبت فيها الأدغال والأشواك.
(فَزَادَتْهُم رِجْساً إلى رِجْسِهِمْ) فإنَّ الآية اذا نزلت فزعوا للمخالفة والعناد والعداوة ، لذلك لا عجب إذا قلنا : إنَّ آيات القرآن قد تسبب للضالين ضلالة أكثر.