إنَّ الصنف الثالث وهم ذووا الأوعية الصغيرة أشخاص خطرون ، كما أنَّهم مصداق للآية الشريفة (والَّذي خَبُثَ) ، إلّا أنَّ الصنف الأوّل والثاني مصاديق للآية الشريفة : (البَلَدُ الطيَّبُ)
الفاعلية اكتسابية أم جبرية؟
قابلية القابل ـ التي هي شرط الكمال ـ اكتسابيه أم جبرية؟ وبعبارة أخرى : هل أنّ الله خلق بعضاً بقابلية ضخمة وخلق آخرين مع قابلية ضعيفة؟ إنّ قابلية القابل اكتسابية لا جبريّة ؛ وذلك لأنّ القول بجبريتها يعني عدم ترتب الذنب على الشخص الذي ينبت قلبه الرياء بدل الاخلاص ، وما عليه من عقاب ، كما أنّه لا فائدة في بعثة الأنبياء.
من هنا نقول : إن الإنسان كلّما سعى لكسب التقوى والمعرفة الإلهية أكثر ، كلّما استعدّ قلبه أكثر لقبول الوحي الإلهي والآيات القرآنية.
إنّ القرآن يُوكّد على كون الإنسان مخلوقاً بأفضل شكل وصورة (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإنْسَانَ فِي أحْسَن تَقْوِيمٍ) ، (١) ووفقاً لهذه الآية فانه لا فرق في خلق الناس ، والهداية والضلالة يتوقفان على الإنسان ذاته. وحتى الشيطان لم يُخلق خبيثاً ، ولذلك كان في صفوف الملائكة وعبد الله ستة آلاف عاماً. (٢)
نعم ، انَّ الناس يختلفون عن بعضهم البعض ، ليس بمعنى أنَّ بعضهم خلق حسناً وبعضهم الآخر خلق سيئاً ، بل في أن بعضهم خلق حسناً وبعضهم الآخر أحسن ، لذلك قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «الناس معادن كمعان الذهب والفضة». (٣)
في النتيجة لم يخلق إنسان شقياً أو خبيثاً ، وقابلية القابل اكتسابية لا جبرية. إنَّ المطر يهطل شفافاً وزلالاً لكنّه يتسخ عند ما يلتقي بالأرض الوسخة ، لكنه يبقى نظيفاً عند ما يقع على الأرضي النظيفة ، فيبقى على فطرته وطهارته.
__________________
(١) سورة التين الآية ٤.
(٢) ميزان الحكمة ، الباب ٢٠٠٥ ، الحديث ٩٣٦٥.
(٣) بحار الأنوار ٥٨ : ٦٥.