وقد كان الحسد يزداد كل يوم ، ويأكل حسناته شيئاً فشيئاً ، كما أنَّ هذا الحسد من جهة ، وحب الدنيا من جهة اخرى بلغا به إلى مستوى أن لجأ إلى فرعون وبلاطه ليصبح من وعّاظ السلاطين. ففقد بذلك كل افتخاراته وكانت عاقبته السوء. فبيّن القرآن قصة هذا العالم المنحرف ليكون عبرة للآخرين.
يعتقد مفسرون آخرون أنَّ العالم في الآيات هو (أمية بن الصلت) فهو من الشعراء المعروفين في عهد الجاهلية ، أسلم في البداية ، لكنه بعد ذلك شاكس وخالف ؛ حسداً للرسول ومقام نبوّته.
ويعتقد مفسرون آخرون أنَّ العالم هنا هو (أبو عامر النصراني) فقد كان راهباً مسيحياً أسلم ثم التحق بركب المنافقين ، ثم سافر إلى الروم للتحالف مع سلطانه ، ثمّ رجع إلى المدينة والتحقق بدينه بعض المنافقين ، وبنى مسجد (ضرار) المعروف.
إنَّ القول الأوّل هو أصح الثلاثة ، والآخران مستبعدان من حيث أنَّ صدر الآية (واتْلُ عَلَيْهِم نَبَأ الّذي ...) قرينة على حكاية قصة تتعلق بالأقوام السالفة. (١)
الشرح والتفسير
(واتْلُ عَلَيْهِم نَبَأ الَّذي آتَينَاهُ آياتِنَا) يطلب الله من الرسول أن يحكي للأصحاب قصة ذاك العالم.
المراد من الآيات هو أحكام التوراة ومواعظها ، فإنَّ هذا العالم كان عالماً باحكام التوراة ومواعظها ، كما كان عاملاً بها. ويعتقد البعض أنَّ المراد من الآيات هو الاسم الأعظم ، ولهذا كان بلعم بن باعورا مستجاب الدعوة وكان صاحب نفوذٍ وجاه رفيع في المجتمع.
(فانْسَلَخَ مِنْهَا فأتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الغَاوِيْنَ)» إنَّ مادة السلخ تعني نزع جلد الحيوان ، ولذلك قيل لمن ينزع جلد الخروف سلّاخاً. إلّا أنَّ كلمة (فاتبعه) لها معنيان :
__________________
(١) مما لا شك فيه أنّ الآية تعني كل شخص يحمل نفس المواصفات المذكورة في الآية ، وشأنها شأن باقي الآيات حيث نزلت في مورد خاص لكن شأنها يعم ... وبخاصة بالنسبة للآيات هذه فإنَّ هناك حديثاً للإمام يقول فيه : ((إنَّ الآية تعم جميع أهل القبلة)). للمزيد راجع الأمثل ج ٥ ذيل الآية ١٧٥.