الكلاب تكون مسعورة دائماً إثر ابتلائها بداء الكَلَب ، وهو مرض يجعلها تلهث دائماً وتصيح ، وتفرز سماً ، وإذا عضت الإنسان يمكن أن تؤدي هذه العضة إلى موته أو ابتلاءه بالجنون. والكلاب تُعد حينئذ فاقدة للقيمة لا تُجرى معاملة عليها ؛ لأنَّها تفقد الفائدة اضافة إلى ما فيها من مضايقة للآخرين. علائم هذا المرض في الكلاب هو أنَّها تفتح فمها وتحرك لسانها دائماً ؛ وذلك لتخفِّف من الحرارة الداخلية التي تشعر بها ، وحركة اللسان عندها بمثابة المروحة التي تدفع بالهواء لتبرّد الجسم. ومن علائمه أيضاً العطش الدائم ... وعلى كل حال يكون هذا الكلب مهاجماً.
والقرآن بمثله الجميل هذا يشبِّه العالم المنحرف بالكلب الذي يفقد القيمة ويحمل أخطاراً كثيرة ... فحب الدنيا والهوى والهوس يُحرف العالم ويفقده البصر والبصيرة بحيث يصبح لا يميز صديقه عن عدوّه.
(ذَلك مَثَلُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنَا فَاقْصُصِ القَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (١) أي أنَّ هذا مثل المجتمعات التي كذّبت بآيات الله فاقصص ـ أيها النبيّ ـ على الناس وبخاصة اليهود والنصارى هذه القصص ليعتبروا منها ، ولكي يعلموا أنَّهم إذا كذّبوا بايات الله فإنَّ مصيرهم سيكون كمصير بلعم بن باعورا.
خطابات الآية
خطر العلماء المنحرفين
لقد سقط بلعم بن باعورا من مقامه الرفيع من جراء حبه للدنيا وتبعيته للشيطان ، وقد كان سقوطه بدرجه أن شبّهه القرآن بالكلب المتوحش الذي لا يرحم شخصاً وكأنّه مجنون. إنّ حب الدنيا والهوى والتبعية للشيطان أجنّت عالماً كان قد حصل على الاسم الأعظم ، وكان جنونه بشكل يبدو عطشاناً للدنيا دائماً ولا يبدو مرتوياً منها أبداً ، إنَّ عالماً مثل هذا يحمل معه
__________________
(١) إنّ هذا الجزء من الآية يدل على حكايتها للعصور السالفة لا عصر النبيّ ، لذا كانت الآية تدل على بلعم بن باعورا لا غيره.