الإنسان مهما بلغ من مقام ، عليه أن لا يرى نفسه في أمان من وساوس الشيطان ، فإنَّ هذا الاحساس هو بداية الانحراف والسقوط ، بل على الإنسان أن يكون دائماً بين الخوف والرجاء ، الخوف من الهوى والهوس والوساوس الشيطانية ، والرجاء والأمل برحمة الله ولطفه ، فهو أرحم الراحمين.
عالم الدين من وجهة نظر الإمام الحسن العسكري عليهالسلام
ينقل الفقيه الشيخ الأعظم الأنصاري ـ رضوان الله عليه ـ في كتابه القيّم (فرائد الأصول) حديثاً جميلاً من التفسير الجليل المنسوب للإمام الحسن العسكري عليهالسلام نأتي به هنا :
(ومثل ما في الاحتجاج عن تفسير العسكري عليهالسلام في قوله تعالى : (وِمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الكِتَابَ ...) الآية من أنَّه قال رجل للصادق عليهالسلام : فاذا كان هؤلاء القوم من اليهود والنصارى لا يعرفون الكتاب إلّا بما يسمعون ، ومن علمائهم لا سبيل لهم إلى غيره فكيف ذمهم بتقليدهم والقبول من علمائهم ، وهل عوام اليهود إلّا كعوامنا يقلدون علمائهم؟ فإنْ لم يجز لأولئك القبول من علمائهم لم يجز لهؤلاء القبول من علمائهم.
فقال عليهالسلام : «بين عوامنا وعلمائنا وبين عوام اليهود وعلمائهم فرق من جهة وتسوية من جهة. أمّا من حيث استووا فإنَّ الله تعالى ذمَّ عوامنا بتقليدهم علمائهم كما ذمّ عوامهم بتقليدهم علمائهم. واما من حيث افترقوا فلا».
قال : بيّن لي يا بن رسول الله!
قال : «إن عوام اليهود قد عرفوا علمائهم بالكذب الصريح وبأكل الحرام والرشاء وتغيير الاحكام عن وجهها ... فلذلك ذمّهم لما قلدوا من عرفوا ومن علموا أنه لا يجوز قبول خبره ولا تصديقه ولا العمل بها بما يؤديه إليهم عمّن لا يشاهدوه. ووجب عليهم النظر بأنفسهم في أمر رسول الله صلىاللهعليهوآله ... وكذلك عوام امتنا إذا عرفوا من فقهائهم الفسق الظاهر والعصبية الشديدة ... فمن قلّد من عوامنا مثل هؤلاء الفقهاء فهم مثل اليهود الذين ذمهم الله تعالى بالتقليد لفسقة فقهائهم ، فأمّا من كان من الفقهاء صائنا لنفسه حافظاً لدينه مخالفاً على هواه مطيعاً لأمر مولاه فللعوام أن يقلدوه وذلك لا يكون إلّا بعض فقهاء الشيعة لا جميعهم. فأمّا من