يتفكّرون فيه ، ولا يدرك غور هذه الآيات الإلهية إلّا بالتفكّر والتأمل الذي لا توجد عبادة أرفع مستوى منه. (١)
فلسفة المثل
لأجل استيعاب فلسفة المثل نشير هنا إلى ثلاث من خصائص الحياة الدنيا :
١ ـ الحياة الدنيا عابرة ولا ثبات ولا دوام فيها.
٢ ـ الحياة الدنيا جوفاء ، ظاهرها فاتن وباطنها خالٍ من المحتوى ، وقد تبلورت بوضوح في حياة بعض الناس الذين تجذبنا حياتهم من بعيد وتجعلنا نأسف على حياتنا ونتحسّر على حياتهم ، لكن عند ما نقترب لهم نحمد الله كثيراً على كون حياتنا ليست مثل حياتهم من حيث كثرة المساوىء والابتلاءات.
٣ ـ الحياة الدنيا تُغرُّ الإنسان وتخدعه.
وفي حديث للرسول صلىاللهعليهوآله أشار فيه إلى هذه الخصائص الثلاث : «الدّنيا تغر وتضر وتمر». (٢)
من هنا نستوعب فلسفة المثل في أنَّه من دونه لا يمكننا إدراك ماهية الحياة الدنيا. والإنسان من خلال المثل يدرك حقيقة الدنيا وماهيتها أفضل. ولذلك تمسك الله به إيضاحاً وبياناً.
تفسير وتطبيق للمثل المذكور
في الآية الشريفة شُبِّه الإنسان وحياته الدنيا بالمطر ، وبذلك يشير القرآن إلى قابليته وأهليته العالية ، فاذا فُعّلت هذه الأهلية لأمطرت عليه ثماراً من قبيل الابتكار والخلاقية المتنوّعة ، ولاستخدم كل طاقته في سبيل الحياة الأفضل ، ولنشط في مختلف المجالات ، ولاستهلك طاقات جمة في سبيل بلوغ الأهداف الخاصة. إلّا أنَّ حادثة تحصل فجأة تخيّب كل
__________________
(١) جاء ما يلي في ميزان الحكمة ، الباب ٣٢٥٣ ، الحديث ١٥٩٢٠ : «لا عبادة كالتفكّر في صنعة الله عزوجل».
(٢) بحار الانوار ٧ : ٩١١ ، وقد نقل هذا الحديث كأحد كلمات الإمام علي عليهالسلام القصار في نهج البلاغة الكلمة ٣٨٥.