يحكي كما هو حال العين عن قدرة الله تعالى. إنَّ الاذن تتكون من الجزء الخارجي والداخلي والوسط. والاقسام تقع في مناطق متجزءة عن بعضها الآخر ، ولكلٍّ وظائف خاصة ومستقلة. هناك عظام يشبه عملها عمل المضرب ، كما أنَّ هناك طبلة ترتعش بضربات المضرب ، والارتعاشات هذه عند ما تنتقل إلى الدماغ بواسطة الأعصاب تُفسَّر هناك. والعجيب في هذا كله أنَّ الاذن يمكنها تعيين جهة الصوت.
إنَّ العين والاذن نعمتان إلهيتان أنعمهما الله علينا ، وهما عجيبتان جداً ، وفي توصيفهما كتبت كتب كثيرة ، ولكلٍّ منهما من حيث الطبابة مختصون ، بل انَّ في العين لوحدها عدة تخصصات.
العين والاذن وسيلتان مهمتان للمعرفة
إنَّ أهمّ وسائل المعرفة عند الإنسان هي العين والاذن. إنّ الإنسان عند ما يولد يكون خلواً من أي علم (وَاللهُ أخْرَجَكُم مِنَ بُطُونِ أمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً) (١) والإنسان يحصل على العلوم بعد أن تنمو عنده حاسة السمع والبصر.
إنَّ العلوم التجريبية تنتقل للإنسان عبر حاسة البصر ، فالإنسان يبلغ النتائج المختلفة في المختبرات بعد ما يراها بعينه ، ورؤيته هذه هي التي تنقل النتائج إلى الذهن. أما العلوم النقلية ـ وبخاصة العلوم التي قدمت من الوحي الالهي ـ فهي تنتقل عبر حاسة السمع (الاذن). بالطبع أن العلوم العقلية تعتمد في الأساس على العلوم الحسية أي أنَّ الأشياء ما لم تر أولم تسمع فلا يتمكن العقل من إداركها ، وذلك لأنَّ أساس العلوم العقلية هو (تجريد) و (تعميم) المحسوسات ، ولهذا اذا كان هناك إنسان بالغ أصم وأعمى ـ وهو بالنتيجة أخرس ـ فان مستوى فهمه سيكون بمستوى فهم طفل عمره خمس سنوات حتى لو كان يحضى بدماغ بمستوى دماغ ابن سيناء ؛ لأنَّ هكذا انسان يكون فاقداً لعمودين أساسيين من أعمدة العلوم العقلية وهما البصر والسمع.
__________________
(١) النحل : ٧٨.