أما المثل فهو تجسيد وبيان لقصةٍ أو جماعة أو قضية أو مطلب عقلي ليس في متناول أذهان الناس ، كما لو أنَّ الله أراد بيان قضية الحق والباطل وهما قضيتان غير حسية مثّلهما بالمطر والسيل والزبد الذي يتجمع على الماء ، فيمثّل الحق بالماء والباطل بالزبد ، من حيث أنّ الزبد رغم ابهته وارتفاعه وظهوره إلّا أنه أجوف ويتلاشى بسرعة ... وبناءً على هذا الايضاح فقد حصلنا على معيار كلي للتمييز بين الأمثال والتشابيه.
البرق والسحب الثّقال
لأجل الاستيعاب الأفضل للمثل المذكور علينا شرح الآيات ١٢ و ١٣ من سورة الرعد باقتضاب.
يقول الله تعالى في الآية ١٢ من سورة الرعد : (هُوَ الَّذِي يَرُيْكُمُ البَرْقَ خَوْفَاً وَطَمَعاً وَيُنْشِأُ السَّحَابَ الثِّقَالَ)
إنّ البرق من آثار عظمة الله تعالى ، فهو يزرع الأمل في نفس الإنسان كما يزرع الخوف والقلق.
إنّ البرق يبشّر الناس بهدية المطر الإلهية ؛ وذلك لأن الرعد والبرق يتسببان في نزول الكثير من المطر.
كيف يسبب البرق نزول المطر؟
اصطدام السحب التي تحمل شحنات كهربائية متضادة يوجد حرارة تقدّر بخمسة عشر ألف درجة سانتيغراد. إن هذه الحرارة تحرق الهواء المحيط بها وبذلك يقل ضغط الجو الأمر الذي يؤدي إلى هبوط المطر. من جانب آخر قد يتبلور البرق على شكل صاعقة فيحرق حينئذٍ ما يصطدم به من الغابات والقرى والاشخاص والحيوانات والمزارع ، وهذا هو الذي ينجم عنه خوف الإنسان.
(وَيُنْشِأُ السِّحَابَ الثِّقَالَ) قد يتصور كثير من الناس أنَّ السُّحُب لا تختلف ، وهي تعمل على وتيرة واحدة ، مع أنَّ الحقيقة شيء آخر ، وهي تختلف عن بعضها الآخر كثيراً.