لماذا يحضى الدعاء في الدين بدرجة وقيمة كبيرة ، بحيث عُدَّ أفضل العبادات وسلاحاً للمؤمن وعموداً للدين ونور السماوات والأرض ومفتاح الرحمة ومصباح الهداية ونصف العبادة وسر النصر وسلاح الأنبياء وسبباً لرفعة شأن الإنسان عند الله؟
إذا دققنا في هذه التحفة والهدية الإلهية ودرسناها جيداً لوجدناها أهلاً لهذه الأُمور كلها.
إنَّ الدعاء يترك آثاراً مهمةً في الإنسان ، وأهم تلك الآثار هو التربية ، فإنَّ الدعاء سبب لتربية الإنسان وتزكيته.
إنَّ التعليم والتربية اللتين ابتنيت عليهما بعثة الأنبياء ، يُعدان من أهم أهداف البعثة ، (١) ومما لا شك فيه أن التعليم مقدمة للتربية ، لذلك كانت التربية الهدف النهائي للبعثة.
العلاقة بين الدعاء والتربية
للدعاء آثار تربوية كثيرة نشير إلى ثلاثة منها :
إنّ الأثر الأوّل هو إيجاد نور الأمل في قلوب الناس ، فالإنسان الخائب الأمل يكون في عداد الموتى. إنَّ المريض يتحسّن إذا كان قد ملأ قلبه بنور الأمل وسوف لا يتحسّن إذا فقد أمله في التحسن ، كما أنَّ السبب الرئيسي لنجاح المقاتلين في ميادين الحرب هو الأمل والمعنويات العالية ، أما العسكر الذي يفقد الأمل ولا يتحلى بمعنويات عالية فسوف يخسر المعركة ولو كان قد عُدَّت له العدة وجُهِّز بأكثر الاسلحة تطوراً.
إنَّ الدعاء يعكس ضوء الأمل في قلب الإنسان.
إنَّ أصحاب الدعاء والمتوكلين على الله ـ رغم مشاكلهم الكثيرة وأعداءهم الجسورين وفقرهم المالي ـ إذا توجهوا إلى الله وناجوه ، حيث قلوبهم نضحت بنور الأمل ، وتفاءلوا بالمستقبل ، وكأنّهم مُنحوا حياة جديدة ؛ وذلك لأنّهم مدوا أيدي العون إلى من كانت أصعب الشدائد عنده أسهلها ، مدوا أيديهم إلى الله الذي لا موقع للصعب والسهل عنده ، وذلك لأنَ الصعب يعني الشيء الذي فوق القدرة والسهل يعني الشيء الذي أدنى من القدرة ، وهل هناك
__________________
(١) سورة الجمعة الآية الثانية.