مسحوق الغسيل ، يتجمّع على سطح النهر يبدو ساكناً ، أمّا النهر فيستمر في حركته تحت الزبد.
(ومِمّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِليَةٍ أو مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ) هذا الزبد الاجوف والمتكبّر لا يختص بالماء بل قد يحصل للفلزات عند الصهر والذوبان مثل الحديد والنحاس وغيرهما.
ما يلفت النظر هنا هو أنَّ عبارة (مِمَّا يُوْقِدُونَ عَلَيْهِ) أشارت بظاهرها إلى أنَّ النار تُسلّط من الفوق على هذه المعادن رغم أنَّ النار في السابق كانت توقد على الفلزات من تحت أمّا حالياً فمعامل الصهر المتطوّرة تسلّط النار من فوق ومن تحت أي لم تستغن عن تسليط النار على الفلز من الاعلى ، وهو أمر أشار له القرآن منذ ذلك الحين.
(كَذَلك يَضْرِبُ اللهُ الحَقَّ والبَاطِلَ) أي أنَّ الله لأجل إيضاح المواجهة بين الحق والباطل والتي يمتد عمرها إلى طول التاريخ يضرب هذا المثل ، فيشبّه الحق بالماء والباطل بالزبد الأجوف.
(فأمّا الزّبدُ فيَذْهَبُ جُفَاءً) فإنَّ الزبد ، رغم تفوقه على الماء ورغم علوه عليه ، يذهب جفاء وكأنَّه لا شيء. إنّ الأمواج التي توجدها السيول هي السبب في ايجاد هذا الزبد ، وبمجرد أن تصل المياه المتلاطمة إلى سهول تصبح آسنة وسرعان ما يذهب الزبد وتترسب الاوساخ العالقة في الماء ولا يبقى إلَّا الماء الخالص ؛ ذلك لأنّ عمر الباطل قصير ، والهلاك هو نهايته.
(وأمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأرْضِ) فالذي يبقى هو ما ينفع الناس من الماء الصافي والفلزات الخالصة. فالماء ، إمَّا أن يركد في مكان يستخدم للشرب والسقي وإمَّا أن ينفذ في الأرض ليلتحق بالمياه الجوفية ذخراً للمستقبل ، يستخدم بعد ما يخرج كعيون تلقائياً أو من خلال حفر الآبار.
(كَذَلك يَضْرِبُ اللهُ الأمْثَالَ) أي يبيّن الله هذه الأمور للناس في صورة أمثال لكي تدرك بشكل أفضل.
خطابات الآية
لقد تناولت الآية قضايا دقيقة جداً ممّا يتعلّق بالحق والباطل باقتضاب ، نقوم هنا بتفصيل هذه القضايا وبيانها.