١ ـ تعريف الحق والباطل
على أساس هذه الآية ، فإنَّ الحق يعني الحقائق والواقعيات ، وأما الباطل فيعني الاوهام والخيالات التي لا أساس لها.
إنَّ الماء واقع وحقيقةً ، يتطابق ظاهره مع باطنه ، وله آثار واقعية. أمّا الزبد فله ظاهر خادع من دون أن يكون له باطن ، كما هو الحال في الخيالات والاوهام.
لقد جاء في الآيتين ١١٧ و ١١٨ من سورة الاعراف في بيان قصة موسى عليهالسلام مع السحرة كما يلي : (وأوْحَيْنَا إلى مُوْسَى أنْ ألقِ عَصَاكَ فإذا هِيَ تَلْقَفُ ما تَأفِكُونَ فَوَقَعَ الحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
إنّ الحق هو معجزة النبيّ موسى عليهالسلام ، والباطل هو سحر السحرة ، فالمعجزة حقيقة وواقع ؛ لأنَّ عصا موسى عليهالسلام تبدلت واقعاً إلى أفعى ولم تكن الحادثة تلك شعوذة ـ نعوذ بالله ـ أمّا أفاعي السحرة فكانت شعوذة خالصة ولم تكن واقعاً ، بل إفكاً ، كما يعبر عنها القرآن.
إنَّ السحرة كانوا قد أعدوا عصياً وحبالاً ملؤوها بالزئبق ، ووضعوها جميعاً في مكان ما ، وكان الناس وفرعون والسحرة وكذا موسى عليهالسلام جالسين يشاهدون ما يحصل. عند ما سطعت الشمس على هذه الحبال والعصي ارتفعت درجة حرارة الزئبق ، الأمر الذي جعل الحبال والعصي تتحرك وتلتوي على بعضها البعض بحيث تبدوا كانها أفاعي ، ولكنَّها في الواقع خيال لا أكثر.
٢ ـ علائم الحق والباطل
مما يستفاد من الآية هو أنَّ علامة الحق كونه مفيداً للناس ، وعلامة الباطل كونه مضراً لهم ، فالماء مفيد وله تأثير ، والزبد مضر ولا فائدة تتوخى منه ؛ وذلك لأن الزبد لا يروي ضمأ العطشان ولا يسقي الزرع ولا يُنميه ولا يولّد شيئاً من الطاقة ، ولا يُشغّل طاحونة أو دولاباً.
ومن العلائم الاخرى للحق والباطل هو كون الحق خاضعاً ومتواضعاً ، أما الباطل فمتكبر.
فالحق هو الماء المتواضع تحت الزبد ، وأما الباطل فهو الزبد العالي والمتكبّر.
العلامة الثالثة للحق والباطل هو أنَّ الباطل ضوضائي ، أما الحق فهاديء وساكن. فالماء