حتى النهاية. لقد كان لكل نبي شيطان ، (١) فقبال آدم عليهالسلام كان ابليس ، وقبال الأنبياء الآخرين شياطين اخرون ، كما تكشف الآية التالية عن هذا الأمر : (وَكَذَلك جَعَلْنَا لُكِلِّ نبىٍّ عَدُّواً شَيَاطِينَ الأنْسِ والجِنِ) (٢)
المستفاد من الآية الشريفة هو أنَّ الشيطان ليس شيئاً خفياً دائماً ، بل قد يكون من الناس أنفسهم ، وقد يكون هذا هو سبب تقديم الآية شياطين الانس على الجنّ.
وعلى هذا ، فإنَّ المواجهة بين الحق والباطل لا زالت مستمرة حتى استقرار حكومة الحق وبسط سيطرتها على بقاع الأرض جميعاً ، وتتحقق الآية الشريفة التالية : (وَقُلْ جَاءَ الحَقُّ وَزَهَقَ البَاطِلُ إنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوْقاً) (٣) في ظل ظهور المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ، والمواجهة قبل ذلك متواصلة.
٦ ـ كيفية تبلور الباطل
كيف نشأ الباطل وتبلور؟ هل الله تعالى هو الذي خلق بعض الموجودات الباطلة رغم أنَّه حق بل ابرز وأرفع حق؟
إنَّ الباطل موجود عدمي وهو وهم وخيال قد تلبّس ثوب الحق ، مثل الزبد الأجوف ، ذات الظاهر الخلاب والخادع.
الجميل هنا هو أنَّ الباطل اذا عمل على إبطال نفسه فذلك ببركة الحق. إنَّ المزيفين ـ الذين يعتمدون الزيف كمهنة لهم ـ إذا لم يتقمّصوا قمصان ذوي الشأن والاعتبار سوف لا يتوفقون في عملهم الباطل هذا ، كذلك الكذّابين فإنَّهم إذا لم يتمسكوا بالحق ولم يتظاهروا بالصدق لما صدّقهم أحد. والمنافق إذا لم يرتدِ ثوب الإنسان الصالح ، والعدو إذا لم يتقمص قميص الصديق ،
__________________
(١) للشيطان معنيان ، الف : هو من مادة (شطن) وتعني (بعد) ، ولذلك كان (بئر شطون) يعني بئراً عميقاً ، فالشيطان حسب هذا التفسير موجود بعيد عن رحمة الله. ب : قد يكون من مادة (شاط) ويعني (احترق) و (هلك) ، وعلى هذا الشيطان يعني الموجود الذي يهلك ويحترق هو وأتباعه.
(٢) الأنعام : ١١٢.
(٣) الاسراء : ٨١.