والزبد إذا لم يطفو على الماء ، وبالجملة ما لم يجتمع الباطل بمختلف مصاديقه إلى جنب الحق فلا تكون هناك مواجهة. وعليه فالباطل عدمي ووجوده يتوقف على الحق. أمّا الحق ، فأمر وجودي وهو مصدر البركات والمنافع وذا آثار كثيرة للإنسان.
الحق والباطل من وجهة نظر الآيات والروايات
بما أنَّ أهم بحث في حياة الإنسان هو قضية (الحق والباطل) ، وهي تحضى بموقع خاص عند جميع البشر بمختلف توجهاتهم الفكرية ، لذلك كان من المناسب دراسة هذه القضية من وجهة نظر الآيات والروايات :
لقد تحدث القرآن عن الحق والباطل بمقدار كثير ، وتكررت مفردة الحق ٢٤٤ مرة ، مع أنَّ مفردة الباطل تكررت ٢٦ مرة فقط.
وهذه النسبة تكشف عن أنَّ القرآن المجيد ذاته من مصاديق الحق.
ما هي مصاديق الحق؟
لقد ذكر في القرآن مصاديق مختلفة للحق نشير إلى بعض منها هنا :
١ ـ أبرز وأرفع مصداق للحق هو ذات الله القدسية ، وهي في الحقيقة جامعة لجميع مصاديق الحق ، وهي عين الواقع والوجود المطلق.
من هنا صرّح الله في الآية الكريمة ٦٢ من سورة الأنعام ما يلي : (ثُمّ رُدُّوا إلى اللهِ مَوْلَيهُم الحَقِّ ألا لَهُ الحُكْمُ وَهُوَ أسْرَعُ الحَاسِبِيْنَ) فعلى أساس هذه الآية ، إنَّ الله الذي لا مثيل له هو الحقّ.
٢ ـ النموذج الآخر وهو من أبرز مصاديق الحقّ عبارة عن خلق السموات والأرض أو الكون أجمع.
تقول الآية الشريفة ٢٢ من سورة الجاثية : (وَخَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ والأرْضَ بالحَقِّ)
٣ ـ المصداق الثالث للحق هو القرآن نفسه ؛ وذلك لأن الآية ٤٨ من سورة المائدة عند بيانها لهذا المطلب تقول : (وأنْزَلْنَا إليْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ)