الإنسانية تستهدف اغراضاً مادية غير إنسانية.
وقد أشارت الآية ٥٤ من سورة التوبة ـ التى مضى شرحها ـ إلى هذا المطلب ، حيث قالت :
(وَمَا مَنَعَهُم أنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُم إلّا أنّهُمْ كَفَرُوا باللهِ وَبِرَسُولِهِ وَلَا يُأتُونَ الصَّلَاةَ إلّا وَهُم كُسَالَى وَلَا يُنْفِقُونَ إلّا وَهُم كَارِهُونَ)
من هنا خاطب الإمام علي عليهالسلام مالك الاشتر في عهده له طالباً منه أن يختار لصلاته أفضل أوقاته ؛ (١) وذلك لأنك اذا أحكمت علاقتك بخالقك فالله سيحكم علاقتك بباقي المخلوقات.
على أساس الآية الكريمة ، أنّ انفاق المنافقين وغير المؤمنين وإعاناتهم المادية لم تنشأ عن نية خالصة بل نشأت عن كراهة وعدم رغبة.
لا قيمة لانفاقهم ولو بذلوا أفضل أموالهم وأكثرها ؛ وذلك لعدم ايمانهم بالله وبالولاية ، كما أنَّ عملهم لم يكن عن صدق نية. على سبيل المثال إذا أراد المؤمن بناء مدرسة اختار منطقة محرومة لرفع الحاجة عن تلك المنطقة كما أنّه سوف لا يبخل في احكام بناء المدرسة وصرف المبالغ في هذا السبيل ، أما الإنسان غير المؤمن أو المنافق بما أنَّ هدفه الرياء والتظاهر لذلك يختار مكاناً ذا طلعة وفي مرأى من الناس وفي منطقة قد تكون مستغنية عن المدرسة ، ولا يفكر في إحكام البناء ؛ وذلك لأنّ جمال البناء يحقق اهدافه.
إنَّ أعمال غير المؤمنين غالباً ما تكون عن هوى وهوس ، ولاجل كسب الشهرة والجاه والمورد ، ولا علاقة لهم بالنية الخالصة. اضافة إلى هذا ، نحن نعتقد أنَّ غير المؤمنين لا يمكنهم التحلّي بالاخلاق الحسنة.
الاحباط في القرآن
كما أنَّ الايمان والولاية شرطان في البداية ، ولا قيمة لعمل بدونهما ، كذلك ادامة واستمراراً ، فالمفروض أن يستمر هذان الشرطان حتى نهاية العمر والانتقال من هذا العالم إلى عالم الآخرة.
__________________
(١) نهج البلاغة ، الخطبة ٥٣.