وعلى هذا ، لو أنّ شخصاً جاء بجميع الاعمال الحسنة ، لكنه في اللحظات الأخيرة من عمره رحل خلو الايمان ، فإنَّ أعماله التي انجزها في الدنيا سوف لا تفيده شيئاً في الاخرة أبداً.
هذه المسألة من مصاديق (الاحباط) الذي تعرّض له القرآن بشكل واسع. إنَّ ست عشر آية أشارت إلى قضية الاحباط في العمل ، نتعرض لاثنين منها.
١ ـ جاء في الآية ٨٨ من سورة الأنعام ما يلي : (وَلَو أشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُون) تعدّ هذه الآية الشرك أحد عوامل إحباط الأعمال الحسنة.
٢ ـ وجاء في الآية ٦٥ من سورة الزمر : (وَلَقَدْ أُوْحِىَ إِلَيْكَ وَإِلى الّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الخَاسِرِيْنَ)
رغم أنَّ الآية تخاطب الرسول صلىاللهعليهوآله ، لكن من الواضح أنَّه هو مركز التوحيد والحنيفية ولا يتوقع منه أن يكون مشركاً يوماً ، لذلك نقول : إنّ الآية تحذير للآخرين لا له.
الحبط في عالم الطبيعة
هل من العدالة أن تحبط الأعمال الكثيرة بذنب ما؟ بعبارة اخرى : هل الأمر يتفق مع قوانين الطبيعة؟
الجواب : أنَّ الاحباط مشهود في عالم الطبيعة والتكوين وموجود كذلك في عالم التشريع والقوانين الدينية ، كما أنَّه موجود في أعمالنا الروتينية.
قد يعمل المزارع ليل نهار ويبذل قصارى جهده للحفاظ على البستان الكبير والمليء بالثمار المتنوعة ، إلّا أنَّه قد يوقد النار في جانب منه ويغفل لفترة ليرى أنَّ النار سرت إلى جميع البستان وأكلت كل جهوده التي بذلها لانضاج ثمار هذا البستان.
وقد يقوم الإنسان السليم خلال سنوات من العمر بكل ما تستدعيه اصول الصحة والرعاية الصحية ، لكنه لأسباب واخرى يتعاطى المخدرات ليصبح بعد عدة أيام إنساناً سقيماً لا حول له ولا قوة ولا صبر ولا صحة ولا طاقة ولا بهجة. وعلى هذا ، فانَّ النار احبطت ما زرع المزارع وما أنتج ، والمخدرات أحبطت سلامة الإنسان ودمرتها.
ويمكن الاتيان بمثال ثالث وهو : بناء سدّ ضخم يستدعي استخدام طاقة عمال ومهندسين لمدة سنوات متوالية ، وبعد ملئه بالماء واستخدامه في الاغراض الخاصة ، يأتي سيل عظيم يغفل